الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن وكل المكاتب بالقسمة وكيلا ، ثم عجز أو مات لم يجز لوكيله أن يقاسم بعد ذلك ; لأن الوكيل نائب عن الموكل وقد زالت ولاية الموكل بعجزه وبموته حتى لا ينفذ منه هذا التصرف بعد العجز لو باشره لنفسه ، فكذلك من وكيله ، وإن أعتق فهو على وكالته ; لأن ولايته بالعتق ازدادت قوة فتصرف الوكيل له بعد عتقه كتصرفه بنفسه ، وإن أوصى المكاتب عند موته إلى وصي فقاسم الوصي ورثة المكاتب الكبار لولده الصغير وقد ترك وفاء فإن قسمته في هذا جائزة على ما تجوز عليه قسمة وصي الحر ; لأنه يؤدي كتابته ويحكم بحريته حال حياته وكأنه أدى الكتابة بنفسه ، ثم مات فيكون وصيه في التصرف على ولده الصغير كوصي الحر

وقال : في الزيادات وصيه بمنزلة وصي الحر في حق الابن الكبير الغائب حتى يجوز قسمته فيما سوى العقار وما ذكر هناك أصح ; لأنه لا يثبت للمكاتب على ولده الصغير ولاية مطلقة ، وإن استندت حريته إلى حال حياته ; لأنه في تلك الحال مشغول بنفسه لا يمكنه أن ينظر إلى الولد فلا تثبت له الولاية وإنما تثبت الولاية المطلقة للوصي إذا كان للموصي ولاية مطلقة .

( ألا ترى ) أن وصي الأخ والعم لا يثبت له من الولاية إلا قدر ما كان للموصي فهنا أيضا كان للموصي على ولده الصغير المولود في الكتابة من الولاية ما يرجع إلى الحفظ ولا ولاية له [ ص: 73 ] عليه فوق ذلك ، فكذلك وصيه بعد موته وما زاد على هذا من البيان قد ذكرناه في إملاء شرح الزيادات ، وإن لم يترك وفاء فقاسم الوصي الولد الكبير للولد الصغير وقد سعوا في المكاتبة لم يجز ; لأنه لا ولاية له على الولد الصغير ; فإنه مكاتب للمولى إذا اختار المضي على الكتابة فإن أدوا المكاتبة قبل أن يردوا القسمة أجزت القسمة ; لأنهم لما أدوا الكتابة حكم بعتق المكاتب وكان وصيه كوصي الحر على هذه الرواية حتى يملك استئناف القسمة ، فكذلك تنفذ تلك القسمة منه ; لأنه لا فائدة في الاشتغال بنقض قسمة يحتاج إلى سعادتها والعبد التاجر بمنزلة الحر في القسمة ; لأنه من صنيع التجار وهو نظير البيع فإذا قاسم العبد التاجر عبدا تاجرا مثله وهما لرجل واحد جاز ذلك إن كان عليهما دين أو على أحدهما ، وإن لم يكن على واحد منهما دين فقسمتهما باطلة بمنزلة البيع والشراء وهذا ; لأن كسبهما لمالك واحد والقسمة في مال هو خالص لمالك واحد لا تتحقق ولأن مقاسمة كل واحد منهما مع عبد مولاه كمقاسمته مع مولاه ولو كانا مكاتبين لرجل واحد جازت قسمتهما ; لأن كل واحد من المكاتبين في كسبه بمنزلة الحر في التصرف ولا ملك للمولى في كسب واحد منهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية