الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا ) يحنث الحالف على ترك السكنى ( بخزن ) بعد خروجه منها إذ لا يعد سكنى بخلاف لو أبقى شيئا من متاعه مخزونا فيحنث كما سيأتي له ( وانتقل في لا أساكنه عما كانا عليه ) قبل اليمين بأن ينتقلا معا أو أحدهما انتقالا يزول معه اسم المساكنة عرفا ( أو ضربا جدارا ) بينهما ، ولا يشترط قسم الذات بل يكفي قسم المنافع ، ولو كان المدخل واحدا ، ولا يشترط في الجدار أن يكون وثيقا بل يكفي ( ولو جريدا ) خلافا لابن الماجشون ، وقوله ( بهذه الدار ) متعلق بساكنه أي حلف لا أساكنه في هذه الدار [ ص: 150 ] وأحرى إن لم يعين فلو قدمه بلصقه كان أولى ، وقيل هو داخل في حيز المبالغة ردا على ما قيل لا يكفي الجدار في المعينة

التالي السابق


( قوله : في لا أساكنه إلخ ) حاصله أنه إذا حلف لا أساكنه في هذه الدار ، وأحرى لو قال في دار ، وكانا ساكنين بدار فإنه لا يبر إلا بالانتقال الذي يزول معه اسم المساكنة عرفا كان الانتقال منهما أو من أحدهما أو بضرب جدار بينهما سواء كان وثيقا كما لو كان من حجر أو آجر أو كان غير وثيق بأن كان من جريد ، وهذا صورة المتن على الحل الأول الآتي للشارح ، وهو جعل قوله في هذه الدار متعلقا بساكنه وحاصل الحل الثاني أنه إذا حلف لا ساكنه ، وكانا ساكنين في دار فلا يبر إلا بالانتقال عرفا أو بضرب جدار بينهما ، ولو غير وثيق هذا إذا قال لا ساكنه في دار بل ، ولو قال في هذه الدار بقي ما لو قال والله لا ساكنه ، وكانا بحارة أو بحارتين في قرية أو مدينة فالحكم أنهما إذا كانا بحارة فلا بد من الانتقال سواء كانت يمينه لا ساكنه أو لا ساكنه في هذه الحارة ، وإن كانت يمينه لا ساكنه ببلدة أو في هذه البلدة فيلزمه الانتقال لبلد لا يلزم أهلها السعي لجمعة الأخرى بأن ينتقل لبلد على كفرسخ ، وإن حلف لا ساكنه والحال أنهما بحارتين لزمه الانتقال لبلدة أخرى على كفرسخ إن صغرت البلدة التي هما بها ; لأن القرية الصغيرة كمحلة فإن كانت البلدة كبيرة فلا يلزمه الانتقال وتلزمه المباعدة عنه ، وعدم سكناه معه فإن سكن معه حنث قال اللخمي إن كان حين حلفه بمحلة انتقل لأخرى ، ومحلتين في مدينة لا شيء عليه إلا أن يساكنه ، وفي قرية انتقل لأخرى ; لأن القرية كمحلة والذي في ح عن ابن عبد السلام ما نصه ، وإن كانا حين اليمين في قرية واحدة انتقل عنه إلى قرية أخرى ، ولم يفصل بين صغيرة وكبيرة ( قوله بأن ينتقلا معا ) أي من البيت أو ينتقل أحدهما منه ويبقى الآخر ساكنا فيه .

( قوله اسم المساكنة عرفا ) احترز بذلك عما إذا انتقل - - [ ص: 150 ] كل واحد منهما لمكان الآخر وسكن فيه فهذه الحالة لا يزول معها اسم المساكنة عرفا فلا يبر بها ، وفي ح عن ابن عبد السلام أنهما إذا كانا بمحل واحد ، وفوقهما محل خال فإن انتقل أحدهما للعلو وبقي الآخر في الأسفل أجزأه بشرط أن يكون لكل منهما مرافق مستقلة ، ومدخل مستقل ورأى بعض الشيوخ أن هذا إنما يكفي إذا كان سبب اليمين ما يقع بينهما من أجل الماعون ، وأما العداوة فلا يكفي .

( قوله : وأحرى إن لم يعين ) أي كما لو حلف لا أساكنه في دار ، والحال أنهما ساكنان في دار ( قوله : ردا على ما قيل ) أي على ما قاله ابن رشد ( قوله : في المعينة ) أي في الدار المعينة باسم الإشارة كما لو قال والله لا ساكنته في هذه الدار ، وعلى هذا فالمصنف أشار بلو لخلافين والمعنى أو ضربا جدارا هذا إذا كان وثيقا بل ، وإن كان جريدا خلافا لابن الماجشون هذا إذا لم يعين الدار بأن قال لا أساكنه بل ، وإن عينها بأن قال لا أساكنه في هذه الدار خلافا لما نقله ابن رشد عن سماع أصبغ .




الخدمات العلمية