الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( واعتدت ) الزوجة ( في مفقود المعترك بين المسلمين ) بعضهم بعضا ( بعد انفصال الصفين ) ; لأنه الأحوط إذ يحتمل موته آخر القتال ، وهو ظاهر [ ص: 483 ] ولكن المعتمد الذي لمالك وابن القاسم أنها تعتد من يوم التقاء الصفين ، ومحل كلام المصنف إذا شهدت البينة العادلة أنها رأته حضر الصف فإن شهدت بأنه خرج مع الجيش ، فقط فتكون زوجته كالمفقود في بلاد الإسلام فيجري فيه ما مر ( وهل يتلوم ) أي ينتظر مدة تعتد بعدها بعد انفصال الصفين ( ويجتهد ) في قدر تلك المدة أو تعتد بعد الانفصال من غير تلوم أصلا ( تفسيران ) لقول مالك تعتد يوم التقاء الصفين فبعضهم أبقاه على ظاهره ، وبعضهم حمله على قول أصبغ يضرب لامرأته بقدر ما يستقصى أمره ويستبرأ خبره ( وورث ماله حينئذ ) أي حين الشروع في العدة بعد انفصال الصفين وانقضاء مدة التلوم على القول به ( كالمنتجع ) أي المرتحل ( لبلد الطاعون أو في زمنه ) ففقد أو فقد في بلده من غير انتجاع فتعتد زوجته بعد ذهاب الطاعون ، وورث ماله حينئذ ولا يضرب له أجل المفقود .

التالي السابق


( قوله : بعد انفصال الصفين ) الذي في المقدمات في هذا ما نصه فتعتد امرأته ويقسم ماله قيل من يوم المعركة قريبة كانت المعركة من بلده أو بعيدة وهو قول سحنون وقيل بعد أن يتلوم له بقدر ما ينصرف من هرب أو من انهزام فإن كانت المعركة على بعد من بلاده مثل إفريقية من المدينة ضرب لامرأته أجل سنة ثم تعتد وتتزوج ويقسم ماله ا هـ فأنت تراه عزا الأول لسحنون ونحوه في نقل ابن يونس وعزا ابن يونس الثاني لابن القاسم عن مالك ونحوه في النوادر كما نقله عنها شارح التحفة وعزا المتيطي الأول لمالك وابن القاسم وعزا الثاني للعتبية ووافقه التوضيح في عزو الأول ثم قال في التوضيح : جعل ابن الحاجب الثاني خلافا للأول ابن عبد السلام وجعله بعضهم تفسيرا له ، وإليه أشار المصنف هنا بالتفسيرين ثم اعلم أن عبارتهم اختلفت في الأول فعبارة ابن يونس وابن رشد وعبد الحق من يوم المعركة ، وعبارة اللخمي والمتيطي وابن شاس من [ ص: 483 ] التقاء الصفين وعبر ابن الحاجب وتبعه المصنف بقوله بعد انفصال الصفين ولم يتعقبه ابن عرفة ولا غيره من شراحه وإنما تعقبه اللقاني وأجاب بأن المراد أنها تشرع في العدة بعد الانفصال وتحسبها من يوم الالتقاء ا هـ وفيه نظر والصواب أن عبارة ابن الحاجب هي التحقيق ; لأنه إذا كان بين الالتقاء والانفصال أيام فيحتمل أن يكون إنما مات يوم الانفصال فلو حسبت من الالتقاء لزم أن تكون العدة غير كاملة فتحسب عدتها من يوم الانفصال ; لأنه يحتاط في العدة بدليل ما تقدم من إلغاء اليوم الأول ، ويشهد لهذا قول اللخمي في تبصرته : لو كان القتال أياما أو شهرا فمن آخر يوم ا هـ على أن قولهم من يوم المعترك وكذا من يوم الالتقاء يحتمل من ابتداء المعترك أو انتهائه فيحمل على انتهائه ، وكذلك الالتقاء يحمل على انتهائه للاحتياط في العدة فما فعله ابن الحاجب والمصنف حسن ا هـ بن .

( قوله : ولكن المعتمد إلخ ) إلا أن الذي به الفتوى ما للمصنف ; لأنه الأحوط كذا قرر الشارح على أن ما للمصنف وابن الحاجب يمكن جعله تفسيرا لرواية ابن القاسم عن مالك وأن قوله فيها من يوم التقاء الصفين المراد من يوم آخر التقاء الصفين وهو يوم الانفصال ( قوله : ويجتهد في قدر تلك المدة ) فإذا كانت المعركة بعيدة من بلده يوسع في المدة وإن كانت قريبة يقلل فيها بالاجتهاد فيهما ( قوله تفسيران ) ولم يقل : تأويلان ; لأنهما ليسا على المدونة كما علمت ( قوله : فبعضهم أبقاه على ظاهره ) أي فيكون خلافا لقول أصبغ ( قوله : وبعضهم حمله على قول أصبغ ) أي حمله على الوفاق له والأقرب الأول ( قوله : أو في زمنه ) أي أو المرتحل في زمنه ولو لبلد لا طاعون فيها ( قوله : في بلده ) أي الطاعون




الخدمات العلمية