الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وشبه في عدم الجزاء قوله ( كفسطاطه ) أي خيمته إذا تعلق الصيد باطنا بها فمات ( و ) حفر ( بئر لماء ) فوقع الصيد فيها ( ودلالة محرم ، أو حل ) من إضافة المصدر للمفعول ، والدال لهما محرم ، وسواء كان الصيد المدلول عليه في الحل ، أو الحرم فلا جزاء على الدال ( ورميه ) أي رمي الحلال صيدا ( على فرع ) في الحل و ( أصله بالحرم ) فلا جزاء ويؤكل نظرا إلى محله ولا نزاع في وجوب الجزاء إذا كان الفرع في الحرم وأصله في الحل ( أو ) رميه صيدا ( بحل ) فأصابه السهم فيه ( وتحامل ) ودخل الحرم ( فمات به ) فلا جزاء ( إن أنفذ ) السهم ( مقتله ) في الحل ويؤكل ( وكذا ) لا جزاء ( إن لم ينفذ ) مقتله في الحل ( على المختار ) ويؤكل أيضا اعتبارا بأصل الرمي لا بوقت الموت ( أو ) ( أمسكه ) أي المحرم الصيد ( ليرسله ) لا ليقتله ( فقتله محرم ) آخر ، أو حلال في الحرم فلا جزاء على الممسك بل على القاتل [ ص: 78 ] ( وإلا ) بأن قتله منه حلال بالحل ( فعليه ) أي فجزاؤه على المحرم الذي أمسكه لئلا يخلو الصيد الذي مع المحرم من جزاء ( وغرم الحل ) القاتل ( له ) أي للمحرم الممسك ( الأقل ) من قيمة الصيد طعاما وجزائه إن لم يصم فإن صام فلا رجوع له على الحلال بشيء ( و ) إن أمسكه ( للقتل ) فقتله محرم آخر فهما ( شريكان ) في قتله وعلى كل واحد منهما جزاء كامل .

التالي السابق


( قوله : وشبه في عدم الجزاء ) أي وعدم أكل الصيد أيضا . ( قوله : فمات ) أي فإنه لا جزاء فيه ولا يؤكل وكذا يقال في قوله : وبئر لماء ودلالة محرم ، أو حل كما هو ظاهر كلام ح . ( قوله : وحفر بئر لماء ) أي سواء كان الحفر في محل يجوز له الحفر فيه ، أو لا كالطريق فليس ما هنا كما في الديات ولعل الفرق أن الصيد ليس شأنه لزوم طريق معين بخلاف الآدمي ا هـ عدوي هذا وقد وافق ابن القاسم أشهب في سقوط الجزاء في مسألة حفر البئر لماء وخالفه في مسألة فزعه فمات وقال بالجزاء كما مر قال ح : وهي مناقضة لا شك فيها وحكى بعضهم قولا عن ابن القاسم بوجوب الجزاء في مسألة البئر وهو ضعيف ا هـ بن . ( قوله : ودلالة محرم ، أو حل ) أي لا جزاء في أن يدل محرم محرما أو حلالا على صيد في الحل أو في الحرم ولو صاده المحرم ، أو الحلال المدلول ، وحاصله أنه إذا دل محرم محرما أو حلالا على صيد في الحل أو في الحرم فقتله فلا جزاء على ذلك المحرم الدال فهذه أربع صور وكذلك إذا دل حل محرما ، أو حلالا على صيد في الحل ، أو في الحرم فقتله فلا جزاء على ذلك الحل الدال فهذه أربعة أيضا ، والجزاء إنما هو على المدلول إن كان محرما ، أو كان حلالا وكان الصيد في الحرم . ( قوله : فلا جزاء على الدال ) أي على المحرم الدال . ( قوله : على فرع في الحل ) أي خارج عن حد الحرم لداخل الحل وأما لو كان الفرع مسامتا لحد الحرم ، والطير فوقه فالظاهر أن فيه الجزاء كما لو كان الطير على حد الحرم نفسه . ( قوله : فلا جزاء ويؤكل نظرا إلى محله ) أي على المشهور وهو مذهب المدونة وقال عبد الملك يلزمه الجزاء نظرا لأصل الفرع . ( قوله : ولا نزاع إلخ ) أي كما أنه لا نزاع في لزوم الجزاء والحرمة وعدم الأكل إذا كان كل من الفرع وأصله في الحرم . ( قوله : أو بحل ) عطف على فرع أي ورميه حال كونه بحل أي والصائد بحل أيضا وقوله : فمات به أي في الحرم ولا يصح أن يكون عطفا على بالحرم ، وإلا لكان المعنى : ورميه على فرع أصله بالحل وهو فاسد لاقتضائه أنه إذا كان الأصل في الحل والفرع في الحرم ورمى على الصيد الذي فوق الفرع فإنه لا جزاء عليه مع أن عليه الجزاء . ( قوله : على المختار ) أي على ما اختاره اللخمي من أقوال ثلاثة : الأول قول التونسي بلزوم الجزاء ولا يؤكل ، والثاني قول أصبغ بعدم الجواز ولا يؤكل ، والثالث قول أشهب بعدم الجزاء ويؤكل اختار اللخمي منها الثالث فاختياره منصب على نفي [ ص: 78 ] الجزاء خلافا للأول وعلى الأكل خلافا للثاني والأول . ( قوله : وإلا فعليه ) اختار التونسي واللخمي هنا قول سحنون لا شيء عليه ولم ينبه المؤلف عليه ا هـ بن . ( قوله : فقتله محرم آخر ) أي وأما لو قتله حلال فإما أن يقتله في الحرم ، أو في الحل فإن قتله في الحرم فعلى كل واحد منهما جزاء كامل وإن قتله في الحل فجزاؤه على المحرم الذي أمسكه ويغرم الحلال له قيمته طعاما إن كانت قيمته أقل من جزائه والحاصل أنهما إذا كانا حلالين في الحرم أو كان أحدهما محرما والآخر حلالا بالحرم فعلى كل واحد منهما جزاء كامل مثل صورة المصنف وهي ما إذا كانا محرمين فإن كان أحدهما محرما أو حلالا بالحرم والآخر ليس كذلك فالجزاء على المحرم ، أو من في الحرم ولا جزاء على الآخر ، وإن كان كل منهما غير محرم ولا بالحرم فلا شيء عليه ا هـ عدوي . ( قوله : وعلى كل واحد منهما جزاء كامل ) أي نظرا إلى التسبب والمباشرة .




الخدمات العلمية