الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لا جبر ) لأحد من الأولياء لأنثى ، ولو بكرا يتيمة تحت حجره وحينئذ ( فالبالغ ) هي التي تزوج بإذنها فإن كانت ثيبا أعربت عن نفسها ، وإن كانت بكرا كفى صمتها إلا ما استثني كما يأتي مفصلا في كلامه رحمه الله تعالى بخلاف غير البالغ فلا تزوج بوجه ( إلا يتيمة خيف فسادها ) أي فساد حالها بفقر أو زنا أو عدم حاضن شرعي أو ضياع مال أو دين ( وبلغت ) من السنين ( عشرا ) أي أتمتها وأذنت لوليها بالقول كما يأتي المصنف ولكن رجح أشياخنا أنه يكفي صمتها ( وشوور القاضي ) الذي يرى ذلك ، ولو لم يكن مالكيا ليثبت عنده ما ذكر وأنها خلية من زوج وعدة ورضاها بالزوج وأنه كفؤها في الدين والحرية والنسب والحال والمال وأن الصداق مهر مثلها وأن الجهاز الذي جهزت به مناسب لها فيأذن للولي في تزويجها فإن لم يوجد حاكم أو كان من الجائرين المفسدين في الأرض كفى جماعة المسلمين ( وإلا ) بأن زوجت مع فقد الشروط الثلاثة أو بعضها ( صح ) النكاح ( إن دخل ) الزوج بها ( وطال ) أي النكاح أي أمده بأن ولدت ولدين في بطنين أو مضت مدة تلد فيها ذلك فإن لم يدخل أو لم يطل فسخ [ ص: 225 ] على المشهور .

التالي السابق


( قوله : إلا ما استثني ) أي من الأبكار السبعة فلا بد من إذنها بالقول .

( قوله : وأذنت لوليها بالقول ) هذا يقتضي أنها لا تجبر ولا تزوج إلا برضاها وهو ما في المواق عن اللخمي وعزاه ابن عرفة للمعروف من المذهب وحكي عليه الاتفاق وسلمه ابن سلمون وهو ظاهر عد المصنف لها من الأبكار التي تعرب عن نفسها كالثيب .

( قوله : وشوور القاضي ) هذا القول لم يذكره ابن رشد ولا المتيطي ولا ابن شاس ولا ابن الحاجب ولا أبو الحسن ولا غيرهم ممن تكلم على هذه المسألة أعني جواز نكاح اليتيمة القاصر وإنما نقله المصنف عن ابن عبد السلام قائلا العمل عليه عندنا ، ثم إنه إن أراد بمشاورة القاضي الرفع له لأجل إثبات الموجبات المذكورة قال عج وتبعه شارحنا فذلك صحيح ومعنى ورفع وجوبا للقاضي لإثبات ما ذكر ، وإن كان المراد أنه لا بد في تزويجها من مشاورته فلا يصح بدونها فهذا غير ظاهر ، إذ لم يقل بذلك أحد انظر بن .

( قوله : يرى ذلك ) أي جواز نكاحها .

( قوله : ما ذكر ) أي من خوف الفساد وبلوغها عشرا .

( قوله : وأنه كفؤها في الدين ) أي في التدين والتمسك بالأحكام الشرعية .

( قوله : والنسب ) أي بأن كان معلوم الأب لا إن كان لقيطا أو من زنا ( قوله : كفى جماعة المسلمين ) أي في ثبوت ما ذكر لديهم والواحد منهم يكفي .

( قوله : وإلا بأن زوجت مع فقد الشروط الثلاثة أو بعضها ) الذي يفيده نقل المواق وحلولو اختصاص قوله والأصح إن دخل وطال بمفهوم القيد الأول وهو خيف فسادها قالا : ولم نر من ذكره في باقي مفاهيم القيود السابقة ا هـ .

أقول فحينئذ معناه أن المطلوب أن تكون بلغت عشرا فعلى فرض إذا لم تبلغها وزوجت صح النكاح ا هـ عدوي .

والحاصل أن بلوغها عشرا مطلوب لمراعاة القول الآخر وهو مذهب المدونة والرسالة أنها أي اليتيمة لا تزوج إلا إذا بلغت وليس شرطا يتوقف عليه تزويجها على القول الذي جرى به العمل بتزويجها وكذلك مشاورة القاضي ، وإن كانت واجبة ليس شرطا على ما علمت فلذا قال شيخنا العلامة العدوي : المعتمد في هذه المسألة ما ارتضاه المتأخرون من أن المدار على خيفة الفساد فمتى خيف عليها الفساد في مالها أو في حالها زوجت بلغت عشرا أو لا رضيت بالنكاح أم لا فيجبرها وليها على التزويج ووجب مشاورة القاضي في تزويجها فإن لم يخف عليها الفساد وزوجت صح إن دخل وطال ، وإن خيف فسادها وزوجت من غير مشاورة القاضي صح النكاح إن دخل ، وإن لم يطل .

( قوله : أو مضت مدة تلد فيها ذلك ) [ ص: 225 ] أي وأقلها ثلاث سنين .

( قوله : على المشهور ) هذا القول شهره في العتبية والمتيطي ومقابله ما رواه ابن حبيب عن مالك وأصحابه أنه يفسخ ، وإن ولدت الأولاد وشهر هذا القول أبو الحسن وما روي عن ابن القاسم من أنه لا يفسخ ا هـ عدوي .




الخدمات العلمية