الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة التاسعة : قوله تعالى { لئن آتانا من فضله لنصدقن } : دليل على أنه من قال : إن ملكت كذا فهو صدقة ، أو علي صدقة ، إنه يلزمه ; وبه قال أبو حنيفة .

                                                                                                                                                                                                              وقال الشافعي لا يلزمه ذلك ، والخلاف في الطلاق مثله ، وكذلك في العتق ، إلا أن أحمد بن حنبل يقول : إنه يلزم ذلك في العتق ، ولا يلزم في الطلاق .

                                                                                                                                                                                                              وظاهر هذه الآية يدل على ما قلناه خلافا للشافعي ، وتعلق الشافعي بقوله صلى الله عليه وسلم : { لا طلاق قبل نكاح ، ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم } .

                                                                                                                                                                                                              وسرد أصحابه في هذا الباب أحاديث كثيرة لم يصح شيء منها ، فلا معول عليه ، ولم يبق إلا ظاهر هذه الآية ، والمعاني مشتركة بيننا .

                                                                                                                                                                                                              وقد حققنا المسألة بطرقها في كتاب التخليص .

                                                                                                                                                                                                              وأما أحمد فزعم أن العتق قربة ، وهي تثبت في الذمة بالنذر ، بخلاف الطلاق فإنه تصرف في محله ، وهو لا يثبت في الذمة .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 556 ] وقال علماؤنا : إن كان الطلاق لا يثبت في الذمة فإن القول ينعقد من المتكلم إذا صادف محلا ، وربطه بملك ، كما لو قال رجل لامرأته : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فإن القول ينعقد ويصح ويلزم ، وإذا دخلت الدار وقع الطلاق بالقول السابق له ، اللازم المنعقد ، المضاف إلى محل صحيح تصح إضافة الطلاق إليه ، وهي الزوجة ; فكذلك إذا قال لها : إذا تزوجتك فأنت طالق ، وإذا ملكت هذا العبد فهو حر ; لأنه أضاف التصرف إلى محله في وقت يصح وقوعه فيه ; فيلزمه كما لو قال لزوجته : إذا دخلت الدار فأنت طالق ، أو قال لعبده : إذا دخلت الدار فأنت حر .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية