الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أكرهه على أن يأخذ مال هذا الرجل ، أو مال هذا الرجل ، فلا بأس أن يأخذ [ ص: 141 ] مال أحدهما ; لأن الإكراه قد تناولهما لاستوائهما في بقاء الحرمة ، والتقوم في حق كل واحد منهما كحق المالك ، وإن أبيح له الإقدام على الأخذ لدفع الهلاك عن نفسه ، وأحب إلينا أن يأخذ مال أغناهما عن ذلك ; لأن أخذ المال من صاحبه يلحق الهم ، والحزن به ، وذلك يتفاوت بتفاوت حال المأخوذ منه في الغنى ، فالأخذ من الفقير يلحق به هما عظيما ; لأنه لا يرجع إلى ملكه مثله بخلاف الأخذ من الغني في مباسطة الشرع مع الأغنياء في المال الكثير منه مع الفقراء يعني به الزكاة ، وصدقة الفطر وضمان العتق ، والنفقة ، فلهذا يستحب له أن يأخذ مال أغناهما ، فإن كانا في الغنى عنه سواء قلنا : خذ أقلهما ; لأن الضرورة تتحقق في الأقل ، وفي القليل من المال من التساهل بين الناس ما ليس في الكثير ، وقيل إن استويا في المقدار قلنا خذ مال أحسنهما خلقا ، وأظهرهما جودا ، وسماحة ; لأن الهم ، والحزن بالأخذ منه يتفاوت بحسن خلقه ، وسوء خلقه ، وبخله وجوده ، فإن أخذه ، واستهلكه كما أمره غرمه الذي أكرهه ; لأن الإكراه لما تناوله صار الإتلاف منسوبا إلى المكره ، وإن أخذ أكثرهما ، فاستهلكه غرم المكره مقدار أقلهما ; لأن الإتلاف إنما يصير منسوبا إلى المكره فيما تحقق الإلجاء فيه ، وهو الأقل ، ثم يغرم المستهلك الفضل لصاحب المال ; لأنه في الزيادة على الأقل لا ضرورة له في الاستهلاك ، فيقتصر حكم الاستهلاك عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية