الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وإن مات المكاتب من غير وفاء وترك ولدا مولودا في الكتابة ، بأن ولدت أمته التي اشتراها ، بأن كان المكاتب تزوج أمة إنسان بإذن [ ص: 157 ] مولاه ، فولدت منه ، ثم اشتراها المكاتب وولدها ، أو المكاتبة ولدت من غير مولاها ، فإنه يسعى في الكتابة على نجوم أبيه ولا يبطل الأجل ; لأنه إذا مات لا عن وفاء فقد مات عاجزا ، فقام الولد مقامه كأنه حي .

                                                                                                                                ولو كان حيا حقيقة لكان يسعى على نجومه ، فكذا ولده ، بخلاف ما إذا مات عن وفاء ; لأنه مات قادرا فيؤدى بدل الكتابة للحال ولا يؤخر إلى أجله ، بل يبطل الأجل ; لأن موت من عليه الدين يبطل الأجل في الأصل كما في سائر الديون ، وليس ههنا أحد يقوم مقامه حتى يجعل كأنه حي ، وإذا أدى السعاية عتق أبوه وهو .

                                                                                                                                وأما ولده المشترى في الكتابة فإنه لا يسعى على نجومه ، بل يقال : له إما أن تؤدي السعاية حالا أو ترد إلى الرق ، ولا يقال ذلك للمولود في الكتابة ، بل يسعى على نجوم أبيه ولا يرد إلى الرق ، إلا إذا أخل بنجم أو بنجمين على الاختلاف ، وإنما كان ذلك ; لأن دخول الولد في الكتابة بطريق التبعية ، وتبعية الولد المولود في الكتابة أشد من تبعية المشترى في الكتابة ; لأن تبعيته باعتبار الجزئية ، والجزئية في الولد المولود في الكتابة حصلت في العقد ، فكان بمنزلة المكاتب نفسه ، والحكم في المكاتب على ما ذكرنا فكذا فيه ، ولا كذلك الولد المشترى ; لأن جزئية ما حصلت في العقد فانحطت درجته عنه ، فلا بد من إظهار ذلك في الحكم ترتيبا للأحكام على مراتب الحجج في القوة والضعف ، وذكر القاضي في شرح الكافي الخلاف في المسألة ، وجعل ما ذكرنا قول أبي حنيفة .

                                                                                                                                وأما على قولهما فالولد المشترى ، والولد المولود سواء ، وجه قولهما أن التكاتب على الولد المولود لمكان التبعية ، وهي موجودة في المشترى ، وجواب أبي حنيفة عن هذا أن معنى التبعية في المولود أقوى منه في المشترى فلا يصح القياس ، ولو مات من غير وفاء وترك الديون التي ذكرنا فالخيار في ذلك إلى الولد يبدأ بأي ذلك شاء ; لأن المكاتب إذا لم يترك وفاء صار التدبير إلى الولد ; لأنه يقضي من كسبه فيبدأ بأي ذلك شاء ، فإن أخل بنجم ، أو بنجمين على الاختلاف يرد في الرق ، ولو كان بعض أولاده غائبا وبعضهم حاضرا فعجز الحاضر لا يرد في الرق حتى يحضر الغائب ; لجواز أن الغائب يحضر فيؤدي .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية