الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الثاني : فالإعتاق لا يخلو : إما أن يكون تنجيزا ، وإما أن يكون تعليقا بشرط ، وإما أن يكون إضافة إلى وقت .

                                                                                                                                فإن كان تنجيزا يشترط قيام الملك وقت وجوده ; لأن التنجيز إثبات [ ص: 58 ] العتق للحال ولا عتق بدون الملك وإن كان تعليقا فالتعليق في الأصل نوعان : تعليق محض ليس فيه معنى المعاوضة وتعليق فيه معنى المعاوضة فيكون تعليقا من وجه ومعاوضة من وجه ، والتعليق المحض نوعان أيضا : تعليق بما سوى الملك وسببه من الشروط ، وتعليق بالملك أو بسبب الملك وكل واحد منهما على ضربين : تعليق صورة ومعنى ، وتعليق معنى لا صورة ، فيقع الكلام في الحاصل في موضعين : أحدهما : في بيان أنواع التعليق ، ما يشترط لصحته قيام الملك وقت وجوده وما لا يشترط والثاني : في بيان ما يظهر به وجود الشرط أما الأول : فالتعليق المحض بما سوى الملك وسببه من الشروط .

                                                                                                                                فنحو التعليق بدخول الدار وكلام زيد وقدوم عمرو ونحو ذلك بأن يقول لعبده : إن دخلت الدار فأنت حر أو إن كلمت فلانا أو إذا قدم فلان ونحو ذلك فإنه تعليق صورة ومعنى لوجود حرف التعليق والجزاء ، وهذا النوع من التعليق لا يصح إلا في الملك حتى لو قال لعبد لا يملكه : إن دخلت الدار فأنت حر ثم اشتراه فدخل الدار لا يعتق ; لأن تعليق العتق بالشرط ليس إلا إثبات العتق عند وجود الشرط لا محالة ، ولا عتق بدون الملك ولا يوجد الملك عند وجود الشرط إلا إذا كان موجودا عند التعليق ; لأن الظاهر بقاؤه إلى وقت الشرط ، وإذا لم يكن موجودا وقت التعليق ; كان الظاهر عدمه عند وجود الشرط فلا يثبت العتق عند وجوده لا محالة ولأن اليمين بغير الله عز وجل شرط وجزاء والجزاء ما يكون غالب الوجود عند وجود الشرط أو متيقن الوجود عند وجوده لتحصيل معنى اليمين وهو التقوي على الامتناع أو على التحصيل فإذا كان الملك ثابتا وقت التعليق ; كان الجزاء غالب الوجود عند وجود الشرط ; لأن الظاهر بقاء الملك إلى وقت وجود الشرط فيحصل معنى اليمين ، وكذا إذا أضاف اليمين إلى الملك أو سببه كان الجزاء متيقن الوجود عند وجود الشرط فيحصل معنى اليمين فتنعقد اليمين ، ثم إذا وجد التعليق في الملك حتى صح ; فالعبد على ملكه في جميع الأحكام قبل وجود الشرط ، وإذا وجد الشرط وهو في ملكه يعتق ، وإن لم يكن في ملكه تنحل اليمين لا إلى جزاء حتى لو قال لعبده : إن دخلت الدار فأنت حر فباعه قبل دخول الدار فدخل الدار وهو ليس في ملكه يبطل اليمين ، ولو لم يدخل حتى اشتراه ثانيا فدخل الدار عتق ; لأن اليمين لا يبطل بزوال الملك ; لأن في بقائها فائدة لاحتمال العود بالشراء وغيره من أسباب الملك إلا أنه لم ينزل الجزاء عند الشرط لعدم الملك فإذا عاد الملك واليمين قائم ; عتق على ما ذكرنا في الطلاق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية