الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1322 [ 1436 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا عبد المجيد، عن ابن [ ص: 42 ] جريج، قال: قال عطاء: ليست المبتوتة الحبلى منه في شيء إلا أنه ينفق عليها من أجل الحبل، فإذا كانت غير حبلى فلا نفقة لها .

التالي السابق


الشرح

قال الإمام أبو سليمان في "المعالم" وغيره: اختلف العلماء في أن المطلقة ثلاثا هل تستحق النفقة والسكنى؟

فقالت طائفة: لا نفقة لها ولا سكنى إلا أن تكون حاملا.

ويروى ذلك عن ابن عباس، وهو قول الحسن وعطاء بن أبي رباح والشعبي وبه قال أحمد وإسحاق.

وقال آخرون: لها السكنى والنفقة حائلا كانت أو حاملا.

ويروى هذا عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وبه قال إبراهيم النخعي وسفيان وأبو حنيفة.

وقال آخرون: لها السكنى بكل حال، ولا نفقة إلا أن تكون حاملا.

ويروى هذا عن ابن المسيب والزهري، وبه قال مالك والليث بن سعد والأوزاعي وابن أبي ليلى والشافعي.

واستدل الأولون بما روي عن فاطمة بنت قيس أنها قالت: "لم يجعل لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكنى ولا نفقة " لكن الأمر في السكنى على ما مر، واستدل من أوجب السكنى لعموم قوله تعالى: أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ، وقال تعالى: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ، وفي "الصحيح" عن عبد الرزاق عن معمر عن [ ص: 43 ] الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: أرسل مروان إلى فاطمة فسألها فأخبرته أن زوجها بعث إليها من اليمن بتطليقة كانت بقيت لها، وأمر عياش بن أبي ربيعة والحارث بن هشام أن ينفقا عليها فقالا: والله ما لها نفقة [إلا] أن تكون حاملا.

ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها.

وقول جابر: "نفقة المطلقة ما لم تحرم" كأنه يريد ما لم تبن ولم تحرم رجعتها، فإذا بانت وحرمت الرجعة لم تجب النفقة، فإن واساها بشيء فهو من البر والمعروف.

وقول عطاء: "ليست الحبلى منه في شيء" أي: لا سبيل له عليها بالرجعة، وإنما ينفق إذا كانت حاملا للحمل.




الخدمات العلمية