الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6599 - حدثنا يونس قال : ثنا ابن وهب أنه سمع مالكا يقول ذلك .

                                                        ثم رجعنا إلى حديث أبي قتادة ، ففيه : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة .

                                                        فقد يكون رآه حيث رآه ابن عمر ، فيكون معنى حديثه ، وحديث ابن عمر سواء .

                                                        [ ص: 236 ] أو يكون رآه في صحراء ، فيخالف حديث ابن عمر ، وينسخ الأحاديث الأول ، فهو عندنا غير ناسخ لها ، حتى يعلم يقينا أنه قد نسخها .

                                                        وأما حديث جابر ، ففيه النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة واستدبارها ، لغائط أو بول ، ولم يبين مكانا .

                                                        فيحتمل أن يكون ذلك أيضا على ما فسرنا وبينا من حديث أبي أيوب ، فلا حجة فيه أيضا توجب مضادة حديث ابن عمر ، وأبي قتادة .

                                                        قال جابر في حديثه : ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبول مستقبل القبلة .

                                                        فقد يحتمل أن يكون ذلك البول كان في المكان الذي لم يكن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول وقع عليه ، فلم نعلم شيئا من هذه الآثار نسخ شيئا منها شيء .

                                                        ثم عدنا إلى حديث عراك ففيه أنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم .

                                                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حولوا مقعدتي مستقبل القبلة .

                                                        فقد يجوز أن يكون أنكر قولهم ، لأنهم كرهوا ذلك في جميع الأماكن ، فأمر بتحويل مقعدته نحو القبلة ، ليرد عليهم ، وليعلم أنه لم يقع نهيه على ذلك ، وإنما وقع النهي على استقبالها في مكان دون مكان .

                                                        ويحتمل أن يكون أراد بذلك نسخ النهي الأول في الأماكن كلها ، لأن النهي كان قد وقع في الآثار الأول عن ذلك ، فليس فيه دليل أيضا على نسخ ولا غيره .

                                                        فلما كان حكم هذه الآثار كذلك ، كان أولى بنا أن نصححها كلها .

                                                        فنجعل ما فيه النهي منها على الصحارى ، وما فيه الإباحة على البيوت ، حتى لا تضاد منها شيء .



                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية