الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        7323 - حدثنا ربيع بن سليمان الجيزي ، قال : ثنا حسان بن غالب ويحيى بن عبد الله بن بكير قالا : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري ، عن سهيل ابن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

                                                        قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أن الرجل إذا ابتاع ما لم يره لم يجز ابتياعه إياه ، وذهبوا في ذلك إلى تأويل تأولوه في هذا الحديث .

                                                        فقال : الملامسة ما لمسه مشتريه بيده من غير أن ينظر إليه بعينه .

                                                        قالوا : والمنابذة هي من هذا المعنى أيضا ، وهو قول الرجل للرجل : انبذ إلي ثوبك ، وأنبذ إليك ثوبي ، على أن كل واحد منهما مبيع لصاحبه من غير نظر من كل واحد من المشتريين إلى ثوب صاحبه .

                                                        وممن ذهب إلى هذا التأويل مالك بن أنس رحمه الله .

                                                        وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : من اشترى شيئا غائبا عنه ، فالبيع جائز ، وله فيه خيار الرؤية ، إن شاء أخذه ، وإن شاء تركه ، وذهبوا في تأويل الحديث الأول إلى أن الملامسة المنهي عنها فيه هي : بيع كان أهل [ ص: 361 ] الجاهلية يتبايعونه فيما بينهم ، فكان الرجلان يتراوضان على الثوب ، فإذا لمسه المساوم به ، كان بذلك مبتاعا له ، ووجب على صاحبه تسليمه إليه .

                                                        وكذلك النابذة ، كانوا أيضا يتقاولون في الثوب ، وفيما أشبهه ، ثم يرميه ربه إلى الذي قاوله عليه .

                                                        فيكون ذلك بيعا منه إياه ثوبه ، ولا يكون له بعد ذلك نقضه .

                                                        فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وجعل الحكم في البياعات أن لا يجب إلا بالمعاقدات المتراضى عليها ، فقال : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " .

                                                        فجعل إلقاء أحدهما إلى صاحبه الثوب قبل أن يفارقه غير قاطع لخياره .

                                                        ثم اختلف الناس بعد ذلك في كيفية تلك الفرقة ، على ما قد ذكرنا من ذلك في موضعه من كتابنا هذا .

                                                        وممن ذهب إلى هذا التأويل ، أبو حنيفة رضي الله عنه .

                                                        ولما اختلفوا في ذلك أردنا أن ننظر فيما سوى هذا الحديث من الأحاديث ، هل فيه ما يدل على أحد القولين اللذين ذكرنا .

                                                        فنظرنا في ذلك .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية