الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2701 [ 1548 ] وعنها قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فلم يعده علينا طلاقا.

                                                                                              رواه أحمد ( 6 \ 202 )، والبخاري (5263)، ومسلم (1477) (27)، والترمذي (1179)، والنسائي ( 6 \ 56 )، وابن ماجه (2052).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قولها: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فلم يعده علينا طلاقا ) حجة لجمهور العلماء من السلف وغيرهم وأئمة الفتوى: على أن المخيرة إذا اختارت زوجها أنه لا يلزمه طلاق، لا واحدة، ولا أكثر. وحكي عن علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهما روايتان:

                                                                                              إحداهما كما قال جماعة السلف وأئمة الفتوى: إنه لا يقع بذلك طلقة رجعية. وروي عن علي ، وزيد بن ثابت ، والحسن ، [ ص: 258 ] والليث : أن نفس الخيار طلقة واحدة بائنة؛ وإن اختارت زوجها. وحكاه الخطابي ، والنقاش عن مالك ، ولا يصح عنه. وروي عن ربيعة نحوه في التمليك، وهذا الحديث حجة عليهم.

                                                                                              وأما إذا اختارت نفسها، فاختلف العلماء فيها قديما وحديثا على أقوال:

                                                                                              فقالت فرقة: ليس للمخيرة ولا للمملكة شيء من الطلاق.

                                                                                              وقالت فرقة أخرى: هو ما قضت به من واحدة أو أكثر.

                                                                                              وقيل: هو على ما نواه الزوج، وله مناكرتها في الخيار، والتمليك. وهو قول ابن جهم من أصحابنا وغيره.

                                                                                              وقال بعضهم: تكون رجعية. وهو قول عبد العزيز ، والشافعي ، والثوري ، وابن أبي ليلى ، وأبي يوسف . وحكى ابن سحنون عن أبيه نحوه. وروي عن عمر ، وابن مسعود .

                                                                                              وقيل: إنه واحدة بائنة. وهو قول أبي حنيفة ، وحكي عن مالك ، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

                                                                                              والمشهور من مذهب مالك : أن المخيرة إذا اختارت نفسها كان ثلاثا، وليس له المناكرة، بخلاف التمليك؛ فإن له المناكرة إذا قضت بالثلاث، إذا نوى أقل من ذلك، ولم يكن عن عوض.

                                                                                              ثم اختلف عندنا في المخيرة إذا قضت بأقل من ثلاث. فقال مالك مرة: لا يلزمه، وسقط ما بيدها. وقال أشهب : ترجع على خيارها. وقال عبد الملك : هي ثلاث بكل حال.

                                                                                              وفي قول عائشة هذا دليل على أن المخيرة إذا اختارت نفسها أن نفس ذلك الخيار يكون طلاقا، من غير احتياج إلى النطق بلفظ يدل على الطلاق سوى الخيار، ويقتبس ذلك من مفهوم لفظها، فتأمله.




                                                                                              الخدمات العلمية