الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2750 [ 1565 ] وعن ابن عباس أنه قال: ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا، ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع أهله رجلا. فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بالذي وجد عليه امرأته وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي ادعى عليه أنه وجد عند أهله خدلا آدم كثير اللحم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بين فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما. فقال رجل لابن عباس في المجلس: أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو رجمت أحدا بغير بينة رجمت هذه؟ " فقال ابن عباس: لا، تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء.

                                                                                              وفي رواية: بعد قوله: كثير اللحم: جعدا قططا.

                                                                                              رواه البخاري (5316)، ومسلم (1497)، والنسائي ( 6 \ 174 ).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وضد ذلك: الخدل. وهو: امتلاء الساقين. يقال: رجل أخدل، [ ص: 302 ] وامرأة خدلاء. وهو بالدال المهملة. وهو الخدلج أيضا.

                                                                                              و ( الآدم ): من الأدمة، وهي: شدة السمرة. يقال: رجل آدم. وامرأة أدماء: كأحمر، وحمراء. ويجمع آدم: أدم، كحمر.

                                                                                              وقد جاء في هذا الحديث في كتاب أبي داود ألفاظ فسرها الخطابي فقال: (الأريصح: تصغير الأرصح. وهو: الخفيف الأليتين. قال الأصمعي : وهو أيضا: الأرصع - بالعين -. و (الأثيبج): تصغير: أثبج. والثبج: نتوء في السرة. والثبج أيضا: ما بين الكاهل ووسط الظهر. و (الجمالي): العظيم الخلق. شبه خلقه بخلق الجمل. ويقال من ذلك: امرأة جمالية.

                                                                                              و (قوله صلى الله عليه وسلم: ( اللهم بين ) ظاهره أنه دعاء في أن يبين له ممن الولد؟ فأجيب بأنه للذي رمي به. وتبين له ذلك: بأن الله تعالى خلقه يشبه الذي رميت به، وعلى الصفة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم. ولذلك نسق قوله: ( فوضعت ) على الكلام المتقدم ب (الفاء). وقيل: معناه: اللهم بين الحكم في هذه الواقعة، كما جاء في [ ص: 303 ] الرواية الأخرى: (اللهم افتح) أي: احكم، ومنه قوله تعالى: ثم يفتح بيننا بالحق [سبأ: 26] أي: يحكم.

                                                                                              و (قوله: تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء ) أي: تظهر عليها قرائن تدل على أنها بغي، تتعاطى الفاحشة، لكن لم يثبت عليها سبب شرعي يتعلق عليها به الرجم، لا إقرار، ولا حمل، ولا بينة. فلم يقم عليها حد لتلك الأسباب المحصورة.

                                                                                              و (قوله: أبصروها، فإن جاءت به - وذكر النعوت المتقدمة - فهو لهلال، وإن جاءت به - على النعوت الأخرى - فهو لشريك ) يدل على أن هذا كان منه تفرسا وحدسا، لا وحيا. ولو كان وحيا لكان معلوما عنده.

                                                                                              وفيه ما يدل على إلغاء حكم الشبه في الحرائر، كما هو مذهب

                                                                                              مالك على ما قدمناه في القافة.

                                                                                              وقوله: في كتاب أبي داود لما جاءت على النعت المكروه: (لولا الأيمان لكان لي ولها شأن). وفي " البخاري ": (لولا ما مضى من كتاب الله) يفهم من ذلك: أن الحكم إذا وقع على شروطه لا ينقض، وإن تبين خلافه. هذا إن لم يقع خلل، أو تفريط في شيء من أسبابه. فأما لو فرط الحاكم فغلط، وتبين تفريطه، وغلطه بوجه واضح نقض حكمه. وهذا مذهب الجمهور.

                                                                                              وفيه: أن ذكر الأوصاف المذمومة للضرورة، والتحلية بها للتعريف ليس بغيبة.




                                                                                              الخدمات العلمية