الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            قوله تعالى : الله يعلم ما تحمل كل أنثى والآيات بعدها .

                                                                                            11091 - عن ابن عباس أن أربد بن قيس بن جزي بن خالد بن جعفر بن كلاب وعامر بن الطفيل بن مالك قدما المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانتهيا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس ، فجلسا بين يديه ، فقال عامر : يا محمد ، ما تجعل لي إن أسلمت ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم " . فقال عامر : أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لك ما للمسلمين وعليك وما عليهم " . قال عامر : أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم " . قال عامر : أتجعل لي الأمر إن أسلمت من بعدك ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس ذلك لك ولا لقومك ، ولكن لك أعنة الخيل " . فقال : أنا الآن على أعنة خيل نجد ، اجعل لي الوبر ولك المدر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا " . فلما خرج أربد وعامر قال عامر : يا أربد ، إني أشغل عنك وجه محمد بالحديث فاضربه بالسيف فإن الناس إذا قتلته لم يزيدوا على أن يرضوا بالدية ويكرهوا الحرب ، فسنعطيهم الدية ، قال أربد : أفعل . قال : فأقبلا راجعين إليه ، فقال عامر : يا محمد ، قم معي أكلمك . فقام معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخليا إلى الجدار ، ووقف معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلمه ، وسل أربد السيف ، فلما وضع يده على قائم السيف يبست على قائم السيف وأبطأ أربد على عامر بالضرب ، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى ما يصنع فانصرف عنهما ، فلما خرج عامر وأربد من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضيا حتى كانا بالحرة - حرة بني واقم - نزلا ، فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقال : اشخصا يا عدوي الله . فقال عامر : من هذا يا سعد ؟ قال : هذا أسيد بن حضير الكاتب . فخرجا حتى [ ص: 42 ] إذا كان بالرقم أرسل الله على أربد صاعقة فقتلته ، وخرج عامر حتى إذا كان بالخريم أرسل الله عليه قرحة فأخذته ، فأدركه الليل في بيت امرأة من بني سلول ، فجعل يمس القرحة بيده ويقول : غدة كغدة الجمل في بيت سلولية ، يرغب أن يموت في بيتها ، ثم ركب فرسه فأركضه حتى مات عليه راجعا ، فأنزل الله فيهما الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد إلى قوله : ( وما لهم من دونه من وال ) قال : المعقبات من أمر الله يحفظون محمدا - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر أربد وما قتله فقال : هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا إلى قوله : ( وهو شديد المحال ) . رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه ، إلا أنه قال : فلما قفا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عامر : أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يمنعك الله " . وفي إسنادهما عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف . 11092 - وعن أنس قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا من أصحابه إلى رجل من عظماء الجاهلية يدعوه إلى الله - تبارك وتعالى - فقال : أيش ربك الذي تدعوني ؟ من حديد هو ؟ من نحاس هو ؟ من فضة هو ؟ من ذهب هو ؟ فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فأعاده النبي - صلى الله عليه وسلم - الثانية ، فقال مثل ذلك ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فأرسل إليه الثالثة ، فقال مثل ذلك ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله - تبارك وتعالى - قد أنزل على صاحبك صاعقة فأحرقته " . فنزلت هذه الآية ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال . رواه أبو يعلى والبزار بنحوه ، إلا أنه قال : إلى رجل من فراعنة العرب . وقال الصحابي فيه : يا رسول الله ، إنه أعتى من ذلك ، وقال : فرجع إليه الثالثة ، قال : فأعاد عليه ذلك الكلام ، فبينا هو يكلمه إذ بعث الله سحابة حيال رأسه فرعدت ، فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه . وبنحو هذا رواه الطبراني في الأوسط ، وقال : فرعدت وأبرقت ، ورجال البزار رجال الصحيح ، غير ديلم بن غزوان وهو ثقة ، وفي رجال أبي يعلى والطبراني علي بن أبي سارة وهو ضعيف .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية