الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          أثر العـرب في حضـارة أوربـة:

          ويقول غوستاف لوبون : [ ص: 70 ]

          (... كلما أمعنا في درس حضارة العرب وكتبهم العلمية واختراعاتهم وفنونهم، ظهرت لنا حقائق جديدة، وآفاق واسعة، ولسرعان ما رأينا أن العرب أصحاب الفضل في معرفة القرون الوسطى لعلوم الأقدمين، وأن جامعات الغرب لم تعرف لها، مدة خمسة قرون موردا علميا سوى مؤلفاتهم، وأنهم الذين مدنوا أوروبا مادة وعقلا وأخلاقا، وتأثير العرب عظيم في الغرب وهو في الشرق أشد وأقوى... ) [1]

          ويقول: (... الحق أن القرون الوسطى لم تعرف كتب العالم اليوناني القديم إلا من ترجمتها إلى لغة أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، وبفضل هـذه الترجمة اطلعنا على محتويات كتب اليونان التي ضاع أصلها ككتاب أبولونيوس في المخروطات، وشروح جالينوس في الأمراض السارية ورسالة أرسطو في الحجارة إلخ... وأنه إذا كانت هـناك أمة نقر بأننا مدينون لها بمعرفتنا لعالم الزمن القديم، فالعرب هـم تلك الأمة لا رهبان القرون الوسطى الذين كانوا يجهلون حتى اسم اليونان، فعلى العالم أن يعترف للعرب بجميل صنعهم في إنقاذ تلك الكنوز الثمينة اعترافا أبديا، قال مسيو ليبري :

          " ... لو لم يظهر العرب على مسرح التاريخ لتأخرت نهضة أوروبة في الآداب عدة قرون... ) .

          وعرب الأندلس وحدهم إذا هـم الذين صانوا العلوم والآداب التي أهملت في كل مكان حتى في القسطنطينية ، ولم يكن في العالم في ذلك [ ص: 71 ] الزمن بلاد يمكن الدرس فيها غير الأندلس العربية، وذلك خلا الشرق الإسلامي طبعا وإلى بلاد الأندلس.. كان يذهب أولئك النصارى القليلون لطلب العلوم في الحقيقة.. ولم يظهر في أوروبا قبل القرن الخامس عشر من الميلاد عالم لم يقتصر على استنساخ كتب العرب، وعلى كتب العرب وحدها عول روجر بيكون وليانورد البيزي وأرنود الفيلنوفي وريمون لول وسان توما وألبرت الكبير والاذ فونش العاشر القشتالي ... إلخ ) [2]

          وجاء في كتاب ( الحضارة الأوروبية سياسية واجتماعية وثقافية " لمؤلفيه أساتذة الفلسفة : جيمس وستفال توسون وفرانكلن شارلز بام وفان نوستراند :

          (... في خلال قرنين نقل إلى العربية كل ما خلفه الإغريق من التراث العلمي على التقريب وأصبحت بغداد والقاهرة والقيروان وقرطبة مراكز لامعة لدراسة العلم وتلقينه.. وأخذت المعرفة بهذه الثقافة الإغريقية العربية تتسرب إلى أوروبة الغربية في أواخر القرن الحادي عشر والقرن الثاني عشر.. وتسابق الرجال من ذوي العقول اليقظى إلى باليرمو وطليطلة لتعلم اللغة الغربية ودراسة العلوم العربية مثل : أديلارد أوف بات ودانيال أوف مورلي وروجر أوف هـيرفورد واكندر نكوام وكانت رسالة أديلارد أوف بات في المسائل الطبيعية أول مؤلف علمي أنتجته أوروبا الغربية في القرون الوسطى، وقضى بعض الطلاب سنين عدة في إسبانيا ، ثم قضوا أعمارهم كلها في هـذا العمل المقصور على ترجمة الكتب العلمية العربية إلى اللاتينية... وعلى هـذا النحو كانت أوروبة قد استولت في مستهل القرن [ ص: 72 ] الثالث عشر على محصول العلم الإغريقي والعربي بحذافيره... ) [3]

          وليست هـذه سوى نماذج وهنالك غيرها مئات الشواهد بل ألوفها !!..

          التالي السابق


          الخدمات العلمية