الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            ( ء و ل ) : آل الشيء يئول أولا ومآلا رجع والإيال وزان كتاب اسم منه وقد استعمل في المعاني فقيل آل الأمر إلى كذا والموئل المرجع وزنا ومعنى وآل الرجل ماله إيالة بالكسر إذا كان من الإبل والغنم يصلح على يديه وآل رعيته ساسها والاسم الإيالة بالكسر أيضا والآل أهل الشخص وهم ذوو قرابته وقد أطلق على أهل بيته وعلى الأتباع وأصله عند بعض أول تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا مثل قال البطليوسي في كتاب الاقتضاب ذهب الكسائي إلى منع إضافة آل إلى المضمر فلا يقال آله بل أهله وهو أول من قال ذلك وتبعه النحاس والزبيدي وليس بصحيح إذ لا قياس يعضده ولا سماع يؤيده قال بعضهم أصل الآل أهل لكن دخله الإبدال واستدل عليه بعود الهاء في التصغير فيقال أهيل والآل الذي يشبه السراب يذكر ويؤنث والأول مفتتح العدد وهو الذي له ثان ويكون بمعنى الواحد ومنه في صفات الله تعالى هو الأول [ ص: 30 ] أي هو الواحد الذي لا ثاني له وعليه استعمال المصنفين في قولهم وله شروط الأول كذا لا يراد به السابق الذي يترتب عليه شيء بعده بل المراد الواحد وقول القائل أول ولد تلده الأمة حر محمول على الواحد أيضا حتى يتعلق الحكم بالولد الذي تلده سواء ولدت غيره أم لا إذا تقرر أن الأول بمعنى الواحد فالمؤنثة هي الأولى بمعنى الواحدة أيضا ومنه قوله تعالى { إلا الموتة الأولى } أي سوى الموتة التي ذاقوها في الدنيا وليس بعدها أخرى وقد تقدم في الآخر أنه يكون بمعنى الواحد وأن الأخرى بمعنى الواحدة فقوله عليه الصلاة والسلام في ولوغ الكلب يغسل سبعا في رواية أولاهن .

                                                            وفي رواية أخراهن وفي رواية إحداهن الكل ألفاظ مترادفة على معنى واحد ولا حاجة إلى التأويل وتنبه لهذه الدقيقة وتخريجها على كلام العرب واستغن بها عما قيل من التأويلات فإنها إذا عرضت على كلام العرب لا يقبلها الذوق وتجمع الأولى على الأوليات والأول والعشر الأول والأوائل أيضا لأنه صفة الليالي وهي جمع مؤنث ومنه قوله تعالى { والفجر وليال عشر } وقول العامة العشر الأول بفتح الهمزة وتشديد الواو خطأ وأما وزن أول فقيل فوعل وأصله ووول فقلبت الواو الأولى همزة ثم أدغم ولهذا اجترأ بعضهم على تأنيثه بالهاء فقال أولة وليس التأنيث بالمرضي .

                                                            وقال المحققون وزنه أفعل من آل يئول إذا سبق وجاء ولا يلزم من السابق أن يلحقه شيء وهذا يؤيد ما سبق من قولهم أول ولد تلده لأنه بمعنى ابتداء الشيء وجائز أن لا يكون بعده شيء آخر وتقول هذا أول ما كسبت وجائز أن لا يكون بعده كسب آخر والمعنى هذا ابتداء كسبي والأصل أأول بهمزتين لكن قلبت الهمزة الثانية واوا وأدغمت في الواو قال الجوهري أصله أوأل بهمز الوسط لكن قلبت الهمزة واوا للتخفيف وأدغمت في الواو والجمع الأوائل وجاء في أوائل القوم جمع أول أي جاء في الذين جاءوا أولا ويجمع بالواو والنون أيضا وسمع أول بضم الهمزة وفتح الواو مخففة مثل أكبر وكبر .

                                                            وفي أول معنى التفضيل وإن لم يكن له فعل ويستعمل كما يستعمل [ ص: 31 ] أفعل التفضيل من كونه صفة للواحد والمثنى والمجموع بلفظ واحد قال تعالى { ولا تكونوا أول كافر به } .

                                                            وقال { ولتجدنهم أحرص الناس } ويقال الأول وأول القوم وأول من القوم ولما استعمل استعمال أفعل التفضيل انتصب عنه الحال والتمييز وقيل أنت أول دخولا وأنتما أول دخولا وأنتم أول دخولا وكذلك في المؤنث فأول لا ينصرف لأنه أفعل التفضيل أو على زنته قال ابن الحاجب أول أفعل التفضيل ولا فعل له ومثله آبل وهو صفة لمن أحسن القيام على الإبل قال وهذا مذهب البصريين وهو الصحيح إذ لو كان على فوعل كما ذهب إليه الكوفيون لقيل أولة بالهاء وهذا كالتصريح بامتناع الهاء وتقول عام أول إن جعلته صفة لم تصرفه لوزن الفعل والصفة وإن لم تجعله صفة صرفت وجاز عام الأول بالتعريف والإضافة ونقل الجوهري عن ابن السكيت منعها ولا يقال عام أول على التركيب .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية