الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8732 ) فصل : وليس له التسري بغير إذن سيده ; لأن ملكه غير تام . وقال الزهري : لا ينبغي لأهله أن يمنعوه من التسري .

                                                                                                                                            ولنا ، أن ملكه ناقص ، وعلى السيد فيه ضرر ، فيمنع منه ، كالتزويج . وبيان الضرر فيه أنه ربما أحبلها ، والحبل مخوف في بنات آدم ، فربما تلفت وربما ولدت ، فصارت أم ولد فيمتنع عليه بيعها في أداء كتابتها ، وإن عجزت ، رجعت إلى السيد ناقصة ، فإذا منع من التزويج لضرره ، فهذا أولى . فأما إن أذن له سيده في التسري جاز له . [ ص: 354 ] وقال الشافعي : لا يجوز له ذلك ، وإن أذن فيه سيده في أحد القولين ; لأنه أمر يضر به ، وربما أفضى إلى منعه من العتق ، فلم يجز وإن أذن فيه سيده ، ولأنه ناقص الملك ، فلم يجز له التسري ، كوطء الجارية المشتركة .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه لو أذن لعبده القن في التسري ، جاز ، فالمكاتب أولى ، ولأن المنع كان لأجل الضرر بالسيد ، فجاز تأديبه ، كالتزويج . إذا ثبت هذا ، فإنه إذا تسرى بإذن سيده ، أو غير إذنه ، فلا حد عليه لشبهة الملك ، ولا مهر عليه ; لأنه لو وجب لوجب له ، ولا يجب على الإنسان شيء لنفسه . وإن حبلت ، فالنسب لاحق به ; لأن الحد إذا سقط بالشبهة ، لحقه النسب ، ويكون الولد مملوكا له ; لأنه ابن أمته ، ولا يعتق عليه ; لأن ملكه غير تام ، وليس له بيعه ; لأنه ولده ، ويكون موقوفا على كتابته ، فإن أدى عتق ، وعتق الولد ; لأنه ملك لأبيه الحر ، وإن عجز ، وعاد إلى الرق ، فولده رقيق أيضا ، ويكونان مملوكين للسيد .

                                                                                                                                            فأما الأمة ، فإن ولدت قبل عتقه وعجزه ، فإنها تصير أم ولد للمكاتب ، وليس له بيعها . نص عليه أحمد ; لأن ولدها له حرمة الحرية ، ولا يجوز بيعه . ويعتق بعتق أبيه ، فكذلك أمه . فعلى هذا ، لا يجوز بيعها ، وتكون موقوفة على المكاتب ، إن عتق ، فهي أم ولده ، وإن رق ، رقت . وقال القاضي ، في موضع : لا تصير أم ولد بحال ، وله بيعها ; لأنها حملت بمملوك ، في ملك غير تام .

                                                                                                                                            وللشافعي قولان ، كهذين الوجهين . وإن وضعته بعد عتقه لأقل من ستة أشهر ، تبينا أنها حملت به في حال رقه ، فالحكم على ما مضى . وإن أتت به لأكثر من ستة أشهر حكمنا أنها حملته حرا ; لأننا لم نتيقن وجوده في حال الرق ، وتكون أم ولد ; لأنها علقت بحر في ملكه . وللشافعي من التفصيل نحو مما ذكرنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية