الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم إن الرازي ذكر من جهة المنازعين بأن هذه الوجوه الستة في امتناع كون الجسم أزليا متحركا - التي تقدمت، وتقدم اعتراض [ ص: 393 ] الأرموي عليها - معارضة: "بأن امتناع الحركة في الأزل إن كان لذاتها وجب أن لا توجد أصلا، وإن كان لغيرها فذلك المانع إن كان واجبا لذاته فكذلك، وإن كان واجبا لغيره عاد الكلام فيه وتسلسل، أو ينتهي إلى واجب الوجود لذاته، ولزم امتناع زوال المانع.

فإن قلت: المانع هو مسمى الأزل، لأنه ينافي المسبوقية بالغير التي تقتضيها الحركة، وإنه زائل فيما لا يزال.

قلت: الترديد المذكور عائد في مسمى الأزل أنه: هل هو واجب لذاته أو لغيره؟".

وأجاب الرازي عن هذه المعارضة فقال: "قوله: صحة الحركة أزلية، قلنا: إنه يلزم من أزلية الصحة صحة الأزلية".

قلت: ولقائل أن يقول: ما تعني بقولك: صحة الحركة أزلية، أتعني به: أنه يصح وجود الحركة في الأزل؟ أم تعني به أنه في الأزل يصح الحكم عليها بالصحة فيما لا يزال؟ أما الأول: [ ص: 394 ] فهو تسليم للمطلوب، وأما الثاني: فهو حكم علمي لا كلام فيه، كالأحكام العقلية الذهنية فينا، فإنه يصح في الأزل الحكم بالامتناع على الممتنعات كما يصح الحكم بالجواز على الجائزات، ثم يقال: الحركة في الأزل إما ممتنعة الإمكان العام الذي يدخل فيه الواجب وإما ممكنة، فإن كانت ممتنعة فهو باطل كما تقدم، وإن كانت ممكنة كان الدليل على امتناعها باطلا، فبطلت الوجوه الدالة على امتناع الحركة في الأزل.

ولم يرض أبو الحسن الآمدي هذا الجواب الذي ذكره الرازي، بل ذكر جوابا آخر، فقال: "وجوابه أن يقال: لا يلزم من امتناع الوجود الأزلي على الحركة لذاتها امتناع الوجود الذي ليس بأزلي، فإذا ما هو الممتنع غير زائل، وهو الوجود الأزلي، وما هو الجائز لم يكن ممتنعا".

التالي السابق


الخدمات العلمية