الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ حيلة في جواز بيع الرهن عند حلول الأجل ]

المثال الثاني والثلاثون : إذا رهنه رهنا بدين ، وقال : " إن وفيتك الدين إلى كذا وكذا ، وإلا فالرهن لك بما عليه " صح ذلك ، وفعله الإمام أحمد ، وقال أصحابنا : لا يصح ، وهو المشهور من مذاهب الأئمة الثلاثة ، واحتجوا بقوله : ألا يغلق الرهن " ولا حجة لهم فيه ; فإن هذا كان موجبه في الجاهلية أن المرتهن يتملك الرهن بغير إذن المالك إذا لم يوفه ; فهذا هو غلق الرهن الذي أبطله النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما بيعه للمرتهن بما عليه عند [ ص: 282 ] الحلول فلم يبطله كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح ولا مفسدة ظاهرة ، وغاية ما فيه أنه بيع علق على شرط ، ونعم فكان ماذا ؟ وقد تدعو الحاجة والمصلحة إلى هذا من المرتهنين ، ولا يحرم عليهما ما لم يحرمه الله ورسوله ، ولا ريب أن هذا خير للراهن والمرتهن من تكليفه الرفع إلى الحاكم ، وإثباته الرهن ، واستئذانه في بيعه والتعب الطويل الذي لا مصلحة فيه سوى الخسارة والمشقة ، فإذا اتفقا على أنه له بالدين عند الحلول كان أصلح لهما وأنفع وأبعد من الضرر والمشقة والخسارة ، فالحيلة في جواز ذلك بحيث لا يحتاج إلى حاكم أو يملكه العين التي يريد أن يرهنها منه ، ثم يشتريها منه بالمبلغ الذي يريد استدانته ، ثم يقول : إن وفيتك الثمن إلى كذا وكذا وإلا فلا بيع بيننا ، فإن وفاه وإلا انفسخ البيع وعادت السلعة إلى ملكه ، وهذه حيلة حسنة مخلصة لغرضهما من غير مفسدة ولا تضمن لتحريم ما أحل الله ، ولا لتحليل ما حرم الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية