الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وبعدم زواج فعند اليأس أو العزيمة )

                                                                                                                            ش : نحو هذه العبارة قول ابن الحاجب ، ولو قال إن لم أتزوج عليك فإنما يلزم عند اليأس أو العزيمة قال في التوضيح : يعني لا يكون مظاهرا إلا عند اليأس أو العزيمة انتهى زاد ابن شاس إلا أن ينوي مدة معينة فيحنث بمضيها فحمل كلام ابن الحاجب على هذا فقط ، وقال لم يتعرض المصنف يعني ابن الحاجب لكونه هل يمنع من الوطء كالطلاق أو لا ؟ ونص الباجي على أن الظهار كالطلاق ، وأنه يحرم عليه الوطء إذا كانت يمينه على حنث ، ويدخل عليه الإيلاء ، ويضرب له الأجل من يوم الرفع انتهى ، وفهم ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب على أنه لا يمنع من وطئها ، وقال ابن عرفة الشيخ في الموازية من قال إن لم أفعل كذا فأنت علي كظهر أمي إن ضرب أجلا فله الوطء إليه ، وإلا فلا فإن رفعته أجل حينئذ ، ووقف لتمامه فإن فعل بر .

                                                                                                                            وإن قال ألتزم الظهار واحدة في الكفارة لزمه ، ولم يطلق إلا بالإيلاء حين دعي للفيئة فإن فرط في الكفارة صار كمول يقول أفيء ، فيختبر المرة بعد المرة ، وتطلق عليه بما لزمه من الإيلاء ، ثم قال ، وقول ابن الحاجب مع ابن شاس لو قال إن لم أتزوج عليك إلى آخره خلاف ما تقدم ، وقبله ابن عبد السلام ، ولا أعرفه ، ومقتضى المذهب خلافه في الأيمان والنذور منها إن قال أنت طالق إن لم أفعل كذا حيل بينه وبينها حتى يفعل ذلك ، وإلا دخل عليه الإيلاء انتهى ، وانظر إنكاره هذا إن كان بناء منه رحمه الله على فهم كلام ابن الحاجب كفهم كلام ابن عبد السلام فليس بظاهر عبارة واحدة منهما فضلا عن كونه صريح عبارته بل ظاهر عبارتهما كما قال الشيخ خليل : إنه إنما يلزمه الظهار في ذلك الوقت ، ولم يتعرضا لكونه لا يمنع ، وعلى هذا ففي قوله ، وقبله ابن عبد السلام نظر ; لأن ابن عبد السلام قال في أثناء كلامه هذا ظاهر كلام المؤلف ، وحكى غيره أن الظهار كالطلاق ، وأنه يمنع من الوطء إذا كانت يمينه على حنث ، ويدخل عليه الإيلاء انتهى ، وإن أراد الإنكار عليهما في قولهما إنه لا يكون مظاهرا إلا عند اليأس أو العزيمة ، فليس بظاهر ; لأن ما قالاه هو المنصوص قال ابن رشد في شرح آخر مسألة من سماع أبي زيد من كتاب الظهار لا يجب على الرجل الظهار بقوله امرأتي علي كظهر أمي إن لم أتزوج عليها ; لأنه لم يحنث بعد .

                                                                                                                            ولا يقع عليه الحنث بذلك إلا بعد الموت إلا أن الكفارة تجزئه قبل الحنث ; لأنها يمين هو فيها على حنث فإن أراد أن يكفر ليحل عن نفسه الظهار فيجوز له الوطء كان ذلك له ، وإن لم يفعل ، وطالبته امرأته بالوطء ، ورفعته إلى السلطان ضرب له أجل الإيلاء إذ لا يجوز له أن يطأها إلا أن يكفر انتهى فقوله ، ولا يقع عليه الحنث بذلك إلا بعد الموت إلى قوله فإن أراد أن يكفر صريح في أنه يمنع من الوطء ، وستأتي مسألة سماع أبي زيد ، وكلامه المشار إليه برمته في شرح قول المصنف ، وتعددت الكفارة إن عاد ثم ظاهر [ ص: 115 ] وإن أراد الإنكار عليهما بخلاف هذا الوجه فلم يظهر لي ، وليس في كلامهما إشكال أصلا ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية