الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6955 3246 - (6994) - (2 \ 213) عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يستخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا، كل سجل مد البصر، ثم يقول له : أتنكر من هذا شيئا؟ أظلمتك كتبتي الحافظون؟ قال: لا، يا رب، فيقول: ألك عذر، أو حسنة؟ فيبهت الرجل، فيقول: لا، يا رب، فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم اليوم عليك، فتخرج له بطاقة، فيها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله ، فيقول: أحضروه، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه [ ص: 498 ] السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم "، قال: " فتوضع السجلات في كفة" قال: " فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة، ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم".

التالي السابق


* قوله: "يستخلص": أي: يخرجه من بينهم، ويميزه عنهم، ويظهره.

* "سجلا": - بالكسر والتشديد - : هو الكتاب الكبير.

* "فيبهت": على بناء المفعول؛ أي: يغلب على عقله مما يعرضه من شدة الحال.

* "بطاقة": رقعة صغيرة.

* "فيقول": أي: للملائكة.

* "أحضروه": من الإحضار؛ أي: أحضروا الرجل لوزن عمله، أو من الحضور؛ أي: احضروا وزن عمله، فطاشت.

* "باسم الله": أي: مع اسمه كما في رواية غير أحمد.

قال السيوطي في "حاشية ابن ماجه": قال الحكيم الترمذي: ليست هذه شهادة التوحيد؛ لأن من شأن الميزان أن يوضع في كفة شيء، وفي الأخرى ضده، فتوضع الحسنات في كفة، والسيئات في كفة، فهذا غير مستحيل؛ لأن العبد يأتي بهما جميعا، ويستحيل أن يأتي بالكفر والإيمان جميعا عبد واحد حتى يوضع الإيمان في كفة والكفر في كفة، فكذلك استحال أن توضع شهادة التوحيد في الميزان، وأما بعدما آمن العبد، فإن النطق منه بلا إله إلا الله حسنة توضع في الميزان مع سائر الحسنات، انتهى.

قلت: شهادة التوحيد والإيمان حسنة أيضا، فإن قال: ليس لهما ما يضادهما شخصا، وإن كان لهما ما يضادهما نوعا، وهي السيئة المقابلة للحسنة، فيرد أن النطق بلا إله إلا الله بعد الإيمان ليس له ما يضاد شخصه أيضا، ومن لم يترك [ ص: 499 ] الصلاة قط، ففعل الصلاة منه حسنة لا يقابلها من السيئات ما يضاد شخصها، فليتأمل، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية