الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الحكم الثاني : الاشتراك فيها ، وفي الكتاب : لا يشترك فيها إلا أن يذبحها عن نفسه وأهل بيته وإن زادوا على السبعة ; لأنها شركة في الثواب دون اللحم ، ولقوله - عليه السلام - : ( على كل أهل بيت أضحية ، أو عتيرة ) والعتيرة شاة كانت تذبح في رجب ، ثم نسخت ، والأفضل أن يضحي عن كل واحد شاة ، وليس عليه أن يضحي عن زوجته بخلاف النفقة ; لأنها قربة ، وهو لا يتوجه عليه التقرب عن زوجته ، والفرق بينها وبين زكاة الفطر أن زكاة الفطر متعلقة بالأبدان ، فأشبهت النفقة ، وأجاز الأئمة البقرة عن سبع ، والبدنة عن سبع . قال صاحب البيان : روى ابن وهب عن مالك الاشتراك في هدي التطوع ، ويلزم ذلك في الأضاحي على القول بعدم وجوبها ، وتحصيل الخلاف في المسألة : أن في جواز الاشتراك قولين ، وإذا قلنا به : فثلاثة أقوال : يجوز في الشاة والبدنة والبقرة لأكثر من سبعة . يشترك سبعة فأكثر في البدنة والبقرة فقط . يشترك عشرة في البدنة وسبعة في البقرة ، وإذا قلنا : لا يجوز الاشتراك ، فثلاثة أقوال : المنع [ ص: 153 ] مطلقا ، المنع فيمن عدا أهل بيته ، الثالث : له ذبحها عنه وعمن سواه ، وإن كانوا أهل بيت شتى . المشهور : القياس على الرقبة في العتق ، وعلى الشاة ، ولأن كل واحد منهما مأمور بما يسمى أضحية ، وجزءها لا يسمى كذلك ، فلم يأت بالمأمور به ، فلا تجزئه ، وأما قول جابر : نحرنا عام الحديبية البدنة عن سبع ، والبقرة عن سبع . فمحمول على أن الذبائح كانت من عنده - عليه السلام - وأمته عياله ، فلذلك جاز ذلك ، وقد قال رجل لعلي - رضي الله عنه - : اشتريت بقرة لأضحي بها ، فولدت ، فما ترى فيها وفي ولدها ، فقال لا تحلبها إلا فضلا عن ولدها ، واذبحها وولدها يوم النحر عن سبع من أهلك ، فكذلك هذه الأحاديث محمولة على الأهل وما يشبه الأهل ، وليس فيه تصريح بالأجانب ، بل ذكر العدد ، والسكوت عن المعدود فلا حجة فيها علينا ، ونحن متمسكون بالقواعد والقياس . قال اللخمي : الأضحية عن الغير خمسة أقسام : القريب اللازم النفقة فعليه أن يضحي عنه إما بشاة شاة ، أو عن الجميع بشاة ، أو يدخل البعض في أضحيته ، وعن الباقي بشاة . الثاني : القريب المتطوع بنفقته كالأبوين مع اليسار ، والإخوة ، وابن الأخ ، وابن العم ، فليس عليه التضحية عنهم ، وله ذلك عن الأقسام المتقدمة ، وإذا فعل أسقط الأضحية عن المنفق عليهم ، وإن كان مخاطبا بها لليسارة ، والثالث : الأجنبي المتطوع بنفقته إن كان أشركه فيها لم تجز واحدا منهما . الرابع : الأجنبي الواجب النفقة كالأجير بطعامه . هو كالثالث إلا الزوجة ، فله إدخالها لما شملها اسم الأهل ، وقد قال - عليه السلام - : ( اللهم هذا عن محمد وآل محمد ) والآل الأهل .

                                                                                                                [ ص: 154 ] الخامس : الأجنبي لا ينفق عليه ، ولا يشركه ، وفي الكتاب : استحب مالك حديث ابن عمر لمن قدر دون حديث أبي أيوب الأنصاري . وفي النكت حديث ابن عمر أنه كان لا يضحي عمن في البطن ، يريد : وأما من كان في غير البطن ، فيضحي عن كل نفس بشاة ، وحديث أبي أيوب ذكر فيه : كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ، ثم تباهى الناس ، فصارت مباهاة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية