الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

دور المرأة في خدمة الحديث (في القرون الثلاثة الأولى)

آمال قرداش بنت الحسين

2- الطبقة الثانية: التابعيات

- معرفة التابعين

معرفة التابعين بصفة عامة لا تخلو من فائدة، بل هـي عند أهل [ ص: 110 ] الصنعة علم أصيل يرجع إليه في معرفة المرسل والمسند مثلما هـو الأمر في معرفة الصحابة [1] ، وفي فضل التابعين جاء الحديث النبوي: ( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم... ) إلخ [2] .

وطبقة التابعين على هـذا، تأتي بعد طبقة الصحابة في الفضل، بموجب هـذا الحديث.

فخير الناس قرنا بعد الصحابة من شافه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وحفظ عنهم الدين والسنن وهم قد شهدوا الوحي والتنزيل [3] .

تعريف التابعي

قيل في تعريف التابعي اصطلاحا أقوال نذكر منها:

- القول الأول: هـو من صحب صحابيا، وهو ما ذهب إليه الخطيب البغدادي (463هـ) ، فبناء على هـذا التعريف لا يكتفى فيه بمجرد الرؤية، خلافا للصحابي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فالاجتماع به يؤثر النور القلبي أضعاف ما يؤثره الاجتماع الطويل بالصحابي وغيره من الأخيار، كما ذكر هـذا السيوطي في التدريب [4] .

- القول الثاني: التابعي من لقي صحابيا وإن لم يصحبه كما قيل [ ص: 111 ] في الصحابي، وهذا مذهـب الحـاكم (ت405هـ) [5] ، وهو أقرب كما يقول ابن الصلاح (ت643هـ) [6] ، والأظهر كما يقول النواوي (ت676هـ) [7] ، وقال العراقي: (وعليه عمل الأكثرين من أهل الحديث: مسلم بن الحجاج (261) ، وأبي حاتم بن حبان (ت354هـ) ، وغيرهم [8] .

ففي كلام هـؤلاء الأئمة الاكتفاء في التابعي بمجرد رؤية الصحابي دون اشتراط الصحبة، إلا ابن حبان اشترط في ذلك أن تكون رؤيته له في سن من يحفظ عنه، فإن كان صغيرا لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته.

فإن كانت التابعية من لقيت الصحابي، فهناك عدد كبير من النساء ممن لقين أمهات المؤمنين -خصوصا عائشة - رضي الله عنهن جميعا، كذا من لقين الصحابيات والصحابة وروين عنهم أحاديث في كتب السنة، من السنن والجوامع والمسانيد وغيرها.

أ- أشهر التابعيات الراويات في القرن الأول (من كبارهن)

لعل وجود الصحابة خلال هـذا القرن وتكفلهم بالتبليغ عـن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غطى على رواية التابعين ممن تقدمت وفاتهم، وكان [ ص: 112 ] حرص التابعين على ترك المجال للصحابة وترأس التعليم جليا لأنهم خير القرون، ثم إنه من كان حريصا على الحديث لا يرضيه إلا السند العالي، فبدل أن يسمع الحديث من تابعي من أهل بلده، يرتحل إلى الصحابي، وعليه فقد كانت الراويات التابعيات المشهورات قليلات بالمقارنة بعدد الصحابيات. وخلال القرن الأول اشتهرت بعض الراويات من كبريات التابعيات نذكر المعروفات منهن:

- خيرة أم الحسن البصري مولاة أم سلمة رضي الله عنها [9] .

- زينب بنت كعب بن عجرة [10] ، (زوج أبي سعيد الخدري) ، وجعلها الذهبي في الصحابة.

- صفـية بنـت أبـي عبـيـد بن مسـعود [11] ، (زوج عبـد الله بن عمر) . [ ص: 113 ]

- زينب بنت نبيط [12] ، (زوج أنس بن مالك) .

- أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق [13] .

وعلى الرغم من عدم توافر معلومات عن سنة وفاة كثير من الراويات في كتب التراجم، لكن من المؤكد أن هـذه الطبقة لا تضم نساء كثيرات اشتهرن بالرواية، وذكرنا لهذه الأمثلة مع قلتها يشير إلى كثافة قليلة.

التالي السابق


الخدمات العلمية