الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
الموقف من الحضارات الأخرى

يبقى سؤال يفرض نفسه: كيف يمكن النظر للخبرات الحضارية خارج إطار الإسلام، هـل نتجاهلها، كما يفعل الغرب مع الحضارة الإسلامية؟ هـل نعترف بها ونفيد منها ؟ [ ص: 72 ]

ابتداء نجد القرآن الكريم يفرد لحضارات الأمم السابقة ثلثه للحديث عنها، في جوانبها الإيجابية والسلبية.

وورد ( أن أبا بكر رضي الله عنه نظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: أراك شبت يا رسول الله، فرد عليه صاحب الرسالة: (شيبتني هـود وأخواتها ) [1] . والذي يقرأ سورة هـود يجدها تتحدث عن (ست ) حضارات، مضى عليها ألوف السنين، وكل واحدة أصابها (مرض قاتل ) ، فمن تلاعب بالموازين، إلى عبث بالأمن وإخافة للناس، إلى شذوذ جنسي، وتعاط للزنى علنا... إلخ. وكانت الثمرة أن كل أمة من هـذه الأمم، أصابتها عقوبة موجعة، وضربة ربانية قاتلة.

ومعلوم أن بين هـذه الأمم وبين عصر الرسالة ألوف السنين، ولكن الكتاب الكريم -وهو كتاب هـداية بالدرجة الأولى- سرد أخبار هـذه الحضارات وغيرها بتفصيل ليوجه رسالة للأمة الإسلامية، مفادها: من استقام على أمر الله فله السعادة في الدنيا والآخرة، ومن تنكب عن شرائع الله وهجرها، فمن السنن أن يناله العقاب في الدنيا -مع كونها ليست دار حساب وعقاب- وله مثل ذلك في الآخرة، لا فرق بين البشر، ومن هـنا جاء تخوف صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم ، أن تسقط أمته، وهي [ ص: 73 ] المنوط بها الشهادة على العالم، أن تسقط فيما سقط فيه غيرها، فيحل فيها ما حل فيهم.

أما تصور (البعض ) أنهم شعب الله (المختار ) فتلك من الأماني -والتمني رأس مال المفلس- فالله لا يحابي أحدا، وعدالته تأبى ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية