الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر استيلاء الفرنج على عسكر المسلمين وقفل

في تاسع جمادى الآخرة بلغ الفرنج الخبر بوصول عسكر من مصر ، ومعهم قفل كبير ، ومقدم العسكر فلك الدين سليمان ، أخو العادل لأمه ، ومعه عدة من الأمراء ، فأسرى الفرنج إليهم فواقعهم بنواحي الخليل ، فانهزم الجند ، ولم يقتل منهم رجل من المشهورين ، إنما قتل من الغلمان والأصحاب .

وغنم الفرنج خيامهم وآلاتهم ، وأما القفل فإنه أخذ بعضه ، وصعد من نجا جبل الخليل ، فلم يقدم الفرنج على اتباعهم ، ولو اتبعوهم نصف فرسخ لأتوا عليهم ، وتمزق من نجا من القفل ، وتقطعوا ، ولقوا شدة إلى أن اجتمعوا .

حكى لي بعض أصحابنا ، وكنا قد سيرنا معه شيئا للتجارة إلى مصر ، وكان قد خرج في هذا القفل ، قال : لما وقع الفرنج علينا كنا قد رفعنا أحمالنا للسير ، فحملوا علينا وأوقعوا بنا ، فضربت أحمالي وصعدت الجبل ومعي عدة أحمال لغيري .

فلحقنا قوم من الفرنج ، فأخذوا الأحمال التي في صحبتي ، وكنت بين أيديهم بمقدار رمية سهم ، فلم يصلوا إلي ، فنجوت بما معي ، وسرت لا أدري أين أقصد ، وإذ قد لاح لي [ ص: 109 ] بناء كبير على جبل ، فسألت عنه ، فقيل لي : هذا الكرك فوصلت إليه ثم عدت منه إلى القدس سالما .

وسار هذا الرجل من القدس سالما ، فلما بلغ بزاعة ، عند حلب ، أخذه الحرامية فنجا من العطب ، وهلك عند ظنه السلامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية