الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
16389 7254 - (16830) - (4\91) عن حبيب بن الشهيد، قال: سمعت أبا مجلز، قال: دخل معاوية، على عبد الله بن الزبير وابن عامر، قال: فقام ابن عامر، ولم يقم ابن الزبير، قال: وكان الشيخ أوزنهما، قال: فقال: مه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يمثل له عباد الله قياما، فليتبوأ مقعده من النار " .

التالي السابق


* قوله : "وكان الشيخ": أي: ابن عامر .

* "أوزنهما ": أي: أرجحهما عقلا، وأكثرهما أدبا في زعمه .

* "فقال: مه ": أي: فقال معاوية إنكارا لما فعله: مه; أي: ماذا فعل؟

* "أن يمثل": كينصر; أي: ينتصب .

* "قياما": مصدر من غير لفظ الفعل; أي: من أحب أن يقوم بين يديه أو على رأسه أحد للتعظيم، قيل: هو نهي عن السرور بالقيام، لا عن نفس القيام إكراما للداخل، ولا يخفى أن اعتيادهم القيام للإكرام يترتب عليه عادة محبته; فإن الإكرام محبوب طبعا، فما وضعوه طريقا إليه يصير محبوبا، فإذا جاء النهي عنه، فالوجه تركه رأسا; لئلا يصير محبوبا، وهو منهي عنه .

وقال ابن قتيبة: معناه: من أراد أن يقوم الرجال على رأسه كما تقوم بين يدي [ ص: 17 ] ملوك الأعاجم، وليس المراد به نهي الرجل عن القيام لأخيه إذا سلم عليه، انتهى .

قال ابن القيم: حمل أحاديث النهي عن القيام على القيام على الرجل ممتنع; فإن سياقها يدل على خلافه، وأنه نهى عن القيام له إذا خرج عليهم، ولأن العرب لم يكونوا يعرفون هذا، إنما هو من فعل فارس والروم; كما في حديث جابر: أنهم لما صلوا قعودا خلفه، قال: "إن كدتم لتفعلون فعل فارس والروم; يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا"، ولأن هذا لا يقال له: قيام له، وإنما هو قيام عليه، وفرق بين القيام للشخص المنهي عنه، والقيام عليه الشبيه لفعل فارس والروم، والقيام إليه عند قدومه الذي هو سنة العرب، وأحاديث الجواز تدل عليه فقط .

* * *




الخدمات العلمية