الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
17638 7823 - (18104) - (4\241) عن كعب بن عجرة أن رجلا، قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، [ ص: 498 ] اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد ".

التالي السابق


* قوله : "قد علمنا السلام عليك ": أي: إن الله تعالى أمرنا بالصلاة والسلام جميعا، فأما السلام، فإنه قد علمناه، إما بما علمنا من سلام بعضنا على بعض، أوبما في التشهد، فبين لنا الصلاة .

* "كما صليت على إبراهيم ": للناس في هذا التشبيه كلام كثير، والأقرب عندي أن التشبيه بالنظر إلى ما تفيده واو العطف من الجمع والمشاركة، وعموم الصلاة المطلوبة له ولأهل بيته صلى الله عليه وسلم; أي: شارك أهل بيته معه في الصلاة، واجعل الصلاة عليه عامة له ولأهل بيته، كما صليت على إبراهيم كذلك، فكأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى أن الصلاة عليه من الله تعالى ثابتة على الدوام كما هو مفاد صيغة المضارع المفيد للاستمرار التجددي في قوله تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي [الأحزاب: 56]، فدعاء المؤمنين بمجرد الصلاة عليه قليل الجدوى، بين لهم أن يدعوا له بعموم صلاته له ولأهل بيته; ليكون دعاؤهم مستجلبا لفائدة جديدة، وهذا هو الموافق لما ذكره علماء المعاني في القيود أن محط الفائدة في الكلام هو القيد الزائد، وكأنه لهذا خص إبراهيم; لأنه كان معلوما بعموم الصلاة له ولأهل بيته على لسان الملائكة، ولهذا ختم بقوله: "إنك حميد مجيد"; كما ختمت الملائكة صلاتهم على أهل بيت إبراهيم بذلك، ويؤيده ضم البركة إلى الصلاة أيضا .

وقال بعض المحققين: وجه الشبه هو كون كل من الصلاتين أفضل وأولى وأتم من صلاة من قبله; أي: كما صليت على إبراهيم صلاة هي أتم وأفضل من صلاة من قبله، كذلك صل على محمد صلاة هي أفضل وأتم من صلاة من قبله، ولك أن تجعل وجه الشبه مجموع الأمرين من العموم والأفضلية .

وقال الطيبي: ليس التشبيه من باب إلحاق الناقص بالكامل، بل لبيان حال ما لا يعرف بما يعرف . [ ص: 499 ]

قلت: قد يقال: كيف يصح ذلك، مع كون المخاطب بقوله: "صل " هو الله تعالى; فليتأمل.

ثم لعل وجه إظهار محمد في قوله: "وآل محمد" مع تقدم ذكره، هو أن استحقاق الآل بالاتباع لمحمد صلى الله عليه وسلم، فالتنصيص على اسمه آكد في الدلالة على استحقاقهم، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية