الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                المسألة الخامسة : لا تقبل شهادة العبد ، وقاله ( ش ) و ( ح ) ، وقبلها ابن حنبل إلا في الحدود . لنا : قوله تعالى : ( هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقنـاكم ) [ ص: 227 ] ومنه الشهادة ، وقوله تعالى : ( ذوي عدل منكم ) أي من أحراركم ، وإلا لم يبق لقوله : منكم فائدة ، قياسا على التوريث بجامع أنه أمر لا يتبعض احترازا من الحدود وغيرها إلى تبعيض ، ولأنه مملوك فلا يتأهل للشهادة كالبهائم ، أو لأنه مولى عليه كالصبي ، لقوله تعالى : ( ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) ، والنهي لا يكون إلا عن ممكن ، والعبد لا يتمكن من الإجابة لحق سيده ، ولا يستثنى كالصلاة وغيرها بجامع المفروضية ; لأن ذلك خاص بما أوجبه الله تعالى بخلاف ما يوجبه هو أو غيره على نفسه . احتجـوا : بقوله تعالى : ( وأشهدوا ذوي عدل منكم ) وهو من العدول ، وقوله تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ، والعبد يتصور منه ذلك ، وقياسا على رؤيته ، وفرقوا بين المال وبين الحدود والقصاص : بأن هذه أمور تدرأ بالشبهات ، فالخلا في شهادة العبد شبهة تمنعها بخلاف المال .

                                                                                                                والجــواب عن الأول : أنه إنما يتناول من يشهد بغير حاجة إلى إذن غيره .

                                                                                                                وعن الثانــي : أن العدل المرضي ، هو المعتدل في ديانته ومروءته ، ومروءة العبد تختل بالإهانة بشهادة العادلة .

                                                                                                                وعن الثالث : لذي التقوى لا يوجب قبول الشهادة ; لأن المغفل متق لا تقبل شهادته مع أن هذه عمومات أدلتنا تخصصها .

                                                                                                                وعن الـرابع : أن الرواية أخف رتبة بدليل أن الأمة الواحدة تقبل في الخبر [ ص: 228 ] الشهادة ، ولأن الشهادة تقع غالبا على معين ، وهي سلطانة تقتضي الكمال والعبد ناقص ، والرواية ليست على معين ، فلا سلطانة .

                                                                                                                وعــن الخامس : أن ثبوت الرق لا يوجب القبول في المال كالمغفل .

                                                                                                                فـرع مرتب

                                                                                                                في النوادر : إذا ظن أنه حر فحكم به فلم يعلم به حتى عتق ، ثم يقوم به الآن فيشهد ، ولو قال الخصم : شاهدي فلان العبد ، فقال القاضي : لا أقبله فعتق ، ثبتت شهادته ; لأن كلام القاضي فتيا ، وقال ابن سحنون : إذا أشهد العبد أو الصبي أو النصراني على شهادتهم عدولا ، ثم انتقلت أحوالهم إلى حال جواز شهادتهم قبل أن ينقل عنهم ، لا يقبل النقل عنهم لأن شهادتهم في وقت لا تقبل منهم بخلاف إن شهدوا في الحال الثاني بما علموه في الحال الأول ، وهذا قياس قول مالك وأصحابه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية