الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                وفــي الباب فروع ثلاثة :

                                                                                                                الفـرع الأول

                                                                                                                في الكتاب : تقع شهادة النساء في الحدود ، والقصاص ، والطلاق ، والنكاح ، والنسب ، والولاء مع رجل أم لا ، وإنما تجوز حيث ذكرها الله في الدين وما لا يطلع [ ص: 247 ] عليه غيرهن للضرورة ، ويحلف الطالب مع امرأتين في الأموال ويقضى له ، وتجوز في المواريث في الأموال إذا ثبت النسب بغيرهن ، وقتل الخطأ ; لأنه مال ، وقال سحنون : إنما أجزن في الخطأ والأموال للضرورة في فواتها ، فأما الجسد فهو يبقى ، فإن شهد رجلان على رؤية جسد القتيل والجنين ، وإلا لم تجب شهادتهن . في النكت : قيل : معنى شهادتهن في المواريث : أن يترك الميت أخوين فيختلفان في أقعدهما بالميت ، فيشهد أنه أقعد بأن يكون نسب الوارث ثابتا فشهدن بحضرة الورثة . فيجوز مع يمين الوارث أو الورثة ، ويجوز أيضا في ذلك مع رجل ، وقال ابن يونس : قول سحنون خلاف رواية ابن القاسم ، فعن ابن القاسم : إذا شهدت المرأتان على الاستهلال ، وعلى أنه صبي تجوز مع اليمين ، وعنه : القياس أن لا تجوز ; لأنه يصير نسبا قبل أن يصير مالا ، فبأي شيء يرث ويورث إلا أن يكون لا يبقى إذا أخر دفنه إلى أن يوجد الرجال ، فتجوز شهادتهن ، قال ابن القاسم : وكذلك المرأة تلد ثم تموت هي وولدها في ساعة ، يحلف أبو الوصي أو الورثة مع شهادة النساء أن الأم ماتت قبله ، أو مات قبلها ، فيستحقون الميراث منه ; لأنه مال ، ومنع سحنون وأشهب ومحمد ذلك ; لأن الجسد يفوت ، والاستهلال يفوت ، إنما يرث عند أشهب وسحنون على أنه أنثى ، وعن ابن القاسم في وصايا المدونة : إذا مات رجل فشهد على موته امرأتان ورجل ، ولم يكن معه زوجة ، ولا أوصى بعتق ، ولا له مدبر ، وليس إلا مال يقسم ، جازت الشهادة ، قال ابن القاسم : وتمنع شهادتهن مع رجل على العفو عن الدم ، كما تمنع في دم العمد ، وتجوز في قتل الخطأ وجراحه ; لأنه مال ، وإن شهدن مع رجل على منقلة عمدا أو مأمومة عمدا جازت شهادتهن في القصاص فيما دون النفس وثبت على المنع ، قال : وأصلنا : جوازها فيما يجوز فيه الشاهد واليمين ، قيل لسحنون : فأنت تجيز الشاهد في قتل العمد مع القسامة ، ولا تجيز فيه المرأتين من [ ص: 248 ] القسامة ، فقال : لا يشبه هذه يمين واحدة ، والقسامة خمسون يمينا ، وفي الموازية : تجوز شهادة امرأتين وحدهما على الجرح مع يمين المجروح ، وعلى القتل في العمد والخطأ ، وكونه فيه القسامة فيمن ظهر موته ، ولا تجب بشهادة امرأة واحدة على القتل قسامة خلافا لأشهب ، قال عبد الملك : ما جاز فيه شاهد ويمين جاز فيه امرأتان مع يمين ، قال مالك : وتجوز شهادتهن فيما يؤدي إلى طلاق وعتق ، ويقتضي عتق واحد ، كشهادتهم بشراء الزوج لامرأته فيحلف وتصير ملكا له ، فيجب بذلك الفراق ، أو على أداء الكتابة فيتم العتق ، وكشهادتهن مع يمين بدين متقدم على العتق فيرد العتق ، وكشهادتهن مع رجل أن المقذوف عبد فيزول الحد .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية