الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
م6 - واتفقوا: على أن من غصب أمة فوطئها، فعليه الحد، ويجب عليه ردها إلى مالكها وأرش ما نقصه الوطء.

إلا أبا حنيفة فإن قياس مذهبه أنه يجب عليه الحد ولا أرش عليه للوطء.

[ ص: 258 ] فإن أولدها وجب عليه رد أولادها، وكانوا رقيقا للمغصوب، وأرش ما نقصتها الولادة.

إلا أبا حنيفة، ومالكا: فإنهما قالا: إن جبر الولد ما نقصتها الولادة سد ذلك بذلك، وإن باعها الغاصب من آخر فوطئها الثاني وهو لا يعلم أنها مغصوبة فأولدها ثم استحقت فإنها ترد إلى مالكها أيضا ومهر مثلها، ويفدي الثاني أولاده بمثلهم، فيكونوا أحرارا، ويرجع بذلك كله على الغاصب عند أحمد والشافعي، إلا أن الشافعي قال: يفدي أولاده بقيمتهم لا بمثلهم.

وقال أبو حنيفة: يجب عليه -أعني الواطئ- العقد، ويفدي أولاده بقيمتهم لا بأمثالهم، وهم أحرار، ويردها إلى مالكها ثم يرجع بقيمة الولد والثمن على الغاصب، ولا يرجع عليه بالعقد.

[ ص: 259 ] وقال مالك: إذا اشتراها من يد الغاصب فاستولدها، ثم استحقت من يده فمستحقها بالخيار بين أن يأخذها أو يأخذ قيمة ولدها، ولا يستحق غير ذلك، لا مهر ولا أرش، أو يجيز البيع، أو يأخذ قيمة الولد.

هذا قول مالك الأول، وعليه جميع أصحابه، ثم نقل عن مالك الرجوع عن ذلك، فقال: يأخذ قيمة الولد وقيمة الأم إذا أخذها، وقيمة الولد؛ فإنه يرجع على الغاصب بقيمتها لا بقيمة الولد؛ لأن الولد ليس من جناية الغاصب.

وعلى الرواية الثانية: هو مخير بين أن يرجع بأوفى الغرمين من قيمتها أو الثمن، والولد حر في كل الحالات.

[ ص: 260 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية