الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5448 5785 - حدثني محمد، أخبرنا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: خسفت الشمس ونحن عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد، وثاب الناس، فصلى ركعتين، فجلي عنها، ثم أقبل علينا وقال: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا وادعوا الله حتى يكشفها". [انظر: 1040 - فتح 10 \ 254]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة". فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : إن أحد شقي إزاري يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لست ممن يصنعه خيلاء".

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: خسفت الشمس ونحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقام يجر ثوبه مستعجلا حتى أتى المسجد، وثاب الناس فصلى ركعتين، فجلي عنها، ثم أقبل علينا فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا وادعوا الله حتى يكشفها".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 580 ] الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              فيه بيان أن من سقط ثوبه بغير قصده وفعله أو جره ولم يقصد به خيلاء، فإنه لا حرج عليه في ذلك، عملا بقوله لأبي بكر: "لست ممن يصنعه خيلاء" ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - جر ثوبه حين استعجل السير إلى صلاة الخسوف وهو مبين لأمته بقوله وفعله، وقد كان ابن عمر - رضي الله عنه - يكره أن يجر الرجل ثوبه على كل حال، وهذا من شدائد ابن عمر، لأنه لم يخف عليه (قصد) أبي بكر وهو الراوي، والحجة في السنة لا فيما خالفها.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - وفي قول ابن عباس السالفين أنه مباح للرجل اللباس الحسن والجمال في جميع أمره إذا سلم (فعله) من التكبر به على من ليس له ذلك من الناس وقد وردت الآثار بذلك.

                                                                                                                                                                                                                              روى المعافى بن عمران، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن سواد بن عمرو الأنصاري قال: يا رسول الله، إني رجل حبب إلي الجمال، وأعطيت منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقني أحد فيها شراك نعلي، أفمن الكبر ذلك؟ قال: "لا، ولكن الكبر من بطر الحق وغمص - أو: غمط - الناس" ، ومن حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للذي سأله حبه لجمال ثيابه وشراك

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 581 ] نعله، هل ذلك من الكبر؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : "لا ولكن الله جميل يحب الجمال"
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              فإن قلت: فقد روى وكيع، عن أشعث السمان، عن أبي سلام الأعرج، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: إن الرجل يعجبه شراك نعله أن يكون أجود من شراك صاحبه، فيدخل في قوله: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض الآية [القصص: 83]؟ .

                                                                                                                                                                                                                              قلت: أجاب الطبري أن من أحب ذلك ليتعظم به على من سواه من الناس ممن ليس له مثله، فاختال به واستكبر فهو داخل في عدد المستكبرين في الأرض بغير الحق، ولحقته صفة أهله; وإن أحب ذلك سرورا بجودته وحسنه، غير مريد به الاختيال والتكبر، فإنه بعيد المعنى ممن عناه الله بقوله: لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا بل هو ممن أخبر الله أنه يحب ذلك من فعله على ما ورد في حديث عبد الله بن عمر، وذكر النسائي من حديث أبي الأحوص، عن أبيه قال: كنت جالسا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رث الثياب، فقال: "ألك مال؟ " قلت: يا رسول الله، من كل المال، فقال: "إذا آتاك الله مالا فلير أثره عليك" .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 582 ] فصل:

                                                                                                                                                                                                                              الإزار يذكر ويؤنث، والإزارة مثله، ومعنى (ثاب الناس): اجتمعوا وجاءوا.

                                                                                                                                                                                                                              فصل:

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن أبي شيبة عن عبد الله بن أبي الهذيل أن أبا بكر - رضي الله عنه - سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن موضع الإزار فقال: "مستدق الساق، لا خير فيما أسفل من ذلك ولا خير فيما فوق ذلك) ، وروى أيضا من حديث (أبي) مكين، عن خالد أبي أمية أن عليا اتزر (فلحق إزاره بركبته) .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية