الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وقرأ يعقوب ، والقزاز عن عبد الوارث: "عشر" بالتنوين ، "أمثالها" بالرفع . قال ابن عباس : يريد: من عملها ، كتبت له عشر حسنات . ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا جزاء "مثلها" . وفي الحسنة والسيئة هاهنا قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أن الحسنة: قول لا إله إلا الله . والسيئة: الشرك ، قاله ابن مسعود ، ومجاهد ، والنخعي .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه عام في كل حسنة وسيئة . روى مسلم في "صحيحه" من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيد ، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغفر فإن قيل: [ ص: 160 ] إذا كانت الحسنة كلمة التوحيد ، فأي مثل لها حتى يجعل جزاء قائلها عشر أمثالها؟ فالجواب: أن جزاء الحسنة معلوم القدر عند الله ، فهو يجازي فاعلها بعشر أمثاله ، وكذلك السيئة . وقد أشرنا إلى هذا في "المائدة" عند قوله: فكأنما قتل الناس جميعا [المائدة:32] . فإن قيل: المثل مذكر ، فلم قال: عشر أمثالها والهاء إنما تسقط في عدد المؤنث؟ فالجواب: أن الأمثال خلقت حسنات; مؤنثة وتلخيص المعنى: فله عشر حسنات أمثالها ، فسقطت الهاء من عشر ، لأنها عدد مؤنث ، كما تسقط عند قولك: عشر نعال ، وعشر جباب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية