الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: قل أندعو من دون الله أي: أنعبد ما لا يضرنا إن لم نعبده ، ولا ينفعنا إن عبدناه ، وهي الأصنام . ونرد على أعقابنا أي: نرجع إلى الكفر بعد إذ هدانا الله إلى الإسلام ، فنكون كالذي استهوته الشياطين . وقرأ حمزة: "استهواه الشياطين" على قياس قراءته: ( توفاه رسلنا ) . وفي معنى "استهوائها" قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنها هوت به وذهبت ، قاله ابن قتيبة . وقال أبو عبيدة: تشبه له الشياطين ، فيتبعها حتى تهوي به في الأرض ، فتضله .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: زينت له هواه ، قاله الزجاج . قال: و"حيران" منصوب على الحال ، أي: استهوته في حال حيرته . قال السدي: قال المشركون للمسلمين: اتبعوا سبيلنا ، واتركوا دين محمد ، فقال تعالى: قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله فنكون كرجل كان مع قوم [ ص: 67 ] على طريق ، فضل ، فخيرته الشياطين ، وأصحابه على الطريق يدعونه: يا فلان هلم إلينا ، فإنا على الطريق ، فيأبى . وقال ابن عباس : نزلت هذه الآية في عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق ، دعاه أبوه وأمه إلى الإسلام فأبى . قال مقاتل: والمراد بأصحابه: أبواه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: قل إن هدى الله هو الهدى هذا رد على من دعا إلى عبادة الأصنام ، وزجر عن إجابته كأنه قيل له: لا تفعل ذلك ، لأن هدى الله هو الهدى ، لا هدى غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وأمرنا لنسلم قال الزجاج : العرب تقول أمرتك أن تفعل: وأمرتك لتفعل ، وأمرتك بأن تفعل ، فمن قال: "بأن" فالباء; للإلصاق . والمعنى: وقع الأمر بهذا الفعل ، ومن قال: "أن تفعل" فعلى خذف الباء; ومن قال: "لتفعل" فقد أخبر بالعلة التي لها وقع الأمر . قال: وفي قوله: وأن أقيموا الصلاة وجهان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أمرنا لأن نسلم ، ولأن نقيم الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن يكون محمولا على المعنى ، لأن المعنى: أمرنا بالإسلام ، وبإقامة الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية