الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) رابعها ( أن يرمل ) الذكر ولو صبيا ( في الأشواط الثلاثة الأول ) مستوعبا به البيت ، ويكره تسمية الطوفات أشواطا كما نقل عن الشافعي والأصحاب ، وهو الأوجه وإن اختار في المجموع وغيره عدمها ، ولا يختص الرمل بالماشي بل المحمول يرمل به حامله والراكب يحرك دابته ( بأن يسرع ) الطائف ( مشيه مقاربا خطاه ) لا عدو فيه ولا وثب ، ومن قال إنه دون الخبب فقد غلط ( ويمشي في الباقي ) من طوافه على هينته لما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا } وروى مسلم عنه قال { رمل النبي صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا ومشى أربعا } والحكمة في استحباب الرمل مع زوال المعنى الذي شرع لأجله ، وهو { أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة هو وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب ، فقال المشركون : إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى فلقوا منها شدة فجلسوا مما يلي الحجر بكسر الحاء ، فأطلع الله نبيه على ما قالوه فأمرهم أن يرملوا ثلاثة أشواط وأن يمشوا أربعا بين الركنين ليرى المشركون جلدهم ، فقال المشركون : هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم هؤلاء أجلد من كذا وكذا أن فاعله يستحضر به سبب ذلك ، وهو ظهور أمرهم فيتذكر نعمة الله تعالى على إعزاز الإسلام وأهله } . ويكره ترك الرمل بلا عذر ، ولو تركه في شيء من الثلاثة لم يقضه في الأربعة الباقية ; لأن هيئتها السكون فلا تغير كالجهر لا يقضى في الأخيرتين ، بخلاف الجمعة مع المنافقين في ثانية الجمعة لإمكان الجمع ، وأفهم كلامه أنه لو تركه في بعض الثلاثة الأول أتى به في باقيها ( ويختص الرمل ) ويسمى خببا ( بطواف يعقبه سعي ) مطلوب في حج أو عمرة وإن كان مكيا للاتباع ، فإن رمل في طواف القدوم وسعى بعده لا يرمل في طواف الركن ; لأن السعي بعده حينئذ غير مطلوب ، ولا رمل في طواف الوداع لذلك ( وفي قول ) يختص ( بطواف القدوم ، ) ( وليقل فيه ) أي في رمله ندبا ( اللهم اجعله ) أي ما أنا فيه من العمل ( حجا مبرورا ) وهو الذي لا يخالطه معصية مأخوذ من البر وهو الطاعة ، وقيل متقبلا ( وذنبا [ ص: 287 ] مغفورا ) أي اجعل ذنبي مغفورا ( وسعيا مشكورا ) والسعي هو العمل ، والمشكور هو المتقبل هذا إن كان حاجا .

                                                                                                                            أما المعتمر فيأتي فيه ما مر في دعاء المطاف ، ويقول في الأربعة الأخيرة : رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم .

                                                                                                                            اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ومن قال إنه دون الخبب فقد غلط ) أي بل الصواب أنه الخبب كما يأتي ( قوله : وأفهم كلامه أنه لو تركه في بعض إلخ ) يتأمل بأي طريق أفهمه ( قوله وهو الذي لا يخالطه معصية ) [ ص: 287 ] وتقدم تفسيره بالاتساع في الإحسان والزيادة فيه




                                                                                                                            الخدمات العلمية