الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والمسلمون متفقون على أن الله خالق كل موجود سواه . فلو قيل : لو جاز أن يخلق موجودا للزم أن يخلق كل موجود ، فيلزم أن يكون خالقا لنفسه وهو محال . أو لو قيل : لو جاز أن يخلق عالما قادرا حيا، لزم أن يخلق كل حي عالم قادر ، وهو حي عالم قادر ، فيلزم أن يكون خالقا لنفسه وهو محال لكان هذا كلاما باطلا .

وأصل هذا أن السالب النافي لما نفي نفيا عاما أن يقوم بالله صفة ، أو أن يقوم به ما يريده ويقدره عليه لكونه حادثا فنفي نفيا عاما أن يقوم به حادث ونحو ذلك، قابله المثبت فناقض هذا الخبر العام وهذه القضية السالبة الكلية ، وكذبها يحصل بإثبات خاص ، وهو القضية الجزئية الموجبة ، فيجوز قيام صفة ما من الصفات ، وحادث ما من الحوادث، وذلك الجائز لم يجز قيامه للمعنى المشترك بينه وبين سائر الصفات والحوادث ، وإنما قام لمعنى يختص به وبأمثاله ، لا يشاركه فيه جميع الصفات والحوادث .

لكن المشترك ، كما أنه ليس هو المقتضى له للقيام بالذات ، فليس هو مانعا. فكون القائم به صفة أو حادثا ليس أمرا موجبا للقيام به، حتى يقوم كل صفة وحادث، ولا مانعا من القيام به حتى يمنع كل صفة وحادث . [ ص: 57 ]

فمن نفى نفيا عاما لأجل ذلك، فهو معارض بمن أثبت إثباتا عاما لأجل ذلك ، وكلاهما باطل . بل هو المستحق لصفات الكمال العارية عن النقص، وهو على كل شيء قدير ، ولم يزل قادرا على أن يتكلم ويفعل بمشيئته واختياره ، سبحانه وتعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية