الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن حميد بن مالك بن خثيم أنه قال كنت جالسا مع أبي هريرة بأرضه بالعقيق فأتاه قوم من أهل المدينة على دواب فنزلوا عنده قال حميد فقال أبو هريرة اذهب إلى أمي فقل إن ابنك يقرئك السلام ويقول أطعمينا شيئا قال فوضعت ثلاثة أقراص في صحفة وشيئا من زيت وملح ثم وضعتها على رأسي وحملتها إليهم فلما وضعتها بين أيديهم كبر أبو هريرة وقال الحمد لله الذي أشبعنا من الخبز بعد أن لم يكن طعامنا إلا الأسودين الماء والتمر فلم يصب القوم من الطعام شيئا فلما انصرفوا قال يا ابن أخي أحسن إلى غنمك وامسح الرعام عنها وأطب مراحها وصل في ناحيتها فإنها من دواب الجنة والذي نفسي بيده ليوشك أن يأتي على الناس زمان تكون الثلة من الغنم أحب إلى صاحبها من دار مروان

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1737 1688 - ( مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة ) - بحاءين مهملتين ، بينهما لام ساكنة - المدني ( عن حميد بن مالك بن خثيم ) - بمعجمة ، ومثلثة - مصغر ، ويقال مالك جده ، واسم أبيه عبد الله تابعي ثقة ، ( قال : كنت جالسا مع أبي هريرة بأرضه بالعقيق ) : محل بقرب المدينة ، ( فأتاه قوم من أهل المدينة على دواب فنزلوا عنده ، قال حميد : فقال أبو هريرة : اذهب إلى أمي ) اسمها أميمة - بميمين - مصغر بنت صبيح أو صفيح - بموحدة ، أو فاء - مصغر صحابية .

                                                                                                          روى مسلم عن أبي هريرة : " كنت أدعو أمي إلى الإسلام فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أكره ، فأتيته وأنا أبكي فأخبرته وقلت : ادع الله أن يهديها ، فقال : اللهم اهد أم أبي هريرة ، فخرجت مستبشرا بدعوته ، فلما جئت إلى الباب فإذا هو مجاف فسمعت أمي حس قدمي ، فقالت : مكانك يا أبا هريرة ، وسمعت خضخضة الماء ، ولبست درعها ، وأعجلت عن خمارها ففتحت الباب وقالت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، فرجعت إليه - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فحمد الله وقال خيرا " ، ( فقل : إن ابنك يقرئك السلام ويقول لك [ ص: 496 ] أطعمينا شيئا ) ، يعني أي شيء تيسر ، ( قال : فوضعت ثلاثة أقراص ) من خبز ( في صحفة ، وشيئا من زيت وملح ، ثم وضعتها على رأسي وحملتها ) حتى جئت بها ( إليهم ، فلما وضعتها بين أيديهم كبر أبو هريرة ) ، أي قال : الله أكبر ، ( وقال : الحمد لله الذي أشبعنا من الخبز بعد أن لم يكن طعامنا إلا الأسودين : الماء والتمر ) ; فيه تغليب لأن الماء لا لون له .

                                                                                                          ( فلم يصب القوم من الطعام شيئا ) لشبع أو غيره ، ( فلما انصرفوا قال : يا ابن أخي ) في الإسلام ، ( أحسن إلى غنمك ، وامسح الرعام ) - بضم الراء ، وإهمال العين على الأشهر رواية - مخاط رقيق يجري من أنوف الغنم ، وبفتح الراء ، وغين معجمة ، أي امسح التراب عنها ، قال في النهاية : رواه بعضهم بغين معجمة ، وقال : إنه ما يسيل من الأنف ، والمشهور فيه والمروي بعين مهملة ، ويجوز أن يكون أراد مسح التراب عنها رعيا لها ، وإصلاحا لشأنها اه .

                                                                                                          أي على رواية الإعجام ، لا ما فسره ذلك البعض ، فإنما يصح على الإهمال .

                                                                                                          ( وأطب ) : نظف ( مراحها ) - بضم الميم - : مكانها الذي تأوي فيه ، والأمر للإرشاد والإصلاح ، ( وصل في ناحيتها فإنها من دواب الجنة ) ، أي نزلت منها أو تدخلها بعد الحشر ، أو من نوع ما في الجنة بمعنى أن فيها أشباهها ، وشبه الشيء يكرم لأجله ، وهذا موقوف صحيح له حكم الرفع ، فإنه لا يقال إلا بتوقيف .

                                                                                                          وقد أخرج البزار عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أكرموا المعزى ، وامسحوا برغامها ، فإنها من دواب الجنة " ، وإسناده ضعيف لكنه يقويه هذا الموقوف الصحيح .

                                                                                                          وأخرج ابن عدي ، والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا : " صلوا في مراح الغنم ، وامسحوا برغامها ، فإنها من دواب الجنة " ، قال البيهقي : روي مرفوعا ، وموقوفا وهو أصح .

                                                                                                          ( والذي نفسي بيده ليوشك أن يأتي على الناس زمان تكون الثلة ) - بضم المثلثة ، وشد اللام - : الطائفة القليلة المائة ونحوها ( من الغنم أحب إلى صاحبها من دار مروان ) بن الحكم أمير المدينة يومئذ ، وهذا أيضا لا يقال إلا بتوقيف لأنه إخبار عن غيب يأتي .




                                                                                                          الخدمات العلمية