الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3205 [ 1786 ] وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك: أحق ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان. قال: نعم، قال: فشهد أربع شهادات، ثم أمر به فرجم.

                                                                                              رواه أحمد (1 \ 245) ومسلم (1693) وأبو داود (4425) والترمذي (1427) والنسائي في الكبرى (7171). [ ص: 101 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 101 ] و(قوله: فخرجنا به إلى بقيع الغرقد ) الغرقد: شجر من شجر البادية كانت في ذلك الموضع، فنسب إليها، فذهبت تلك الشجر، واتخذ ذلك الموضع مقبرة، وهو الذي عبر عنه في الرواية الأخرى بـ (المصلى) أي: مصلى الجنائز.

                                                                                              و(قوله: له نبيب كنبيب التيس ) [وهو صوت التيس] عند السفاد.

                                                                                              و(قوله: يمنح أحدهم الكثبة) (يمنح): يعطي. و(الكثبة): القليل من اللبن والطعام. والجمع: كثب. وقد كثبته، أكثبه; أي: جمعته.

                                                                                              و(قوله: علي ألا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به ) أي: فعلت به ما ينكله; أي: ما يسوؤه، ويكدره. وأصله من النكل، وهو: القيد. ومنه قوله تعالى: إن لدينا أنكالا [المزمل: 12] أي: قيودا. قاله الأخفش . وقال الكلبي : أغلالا. ويعني به الرجم لمن كان محصنا، أو الجلد لمن لم يحصن.

                                                                                              [ ص: 102 ] و(قوله في صفة ماعز : أعضل) أي: ذو عضلات. والعضلة: كل ما اشتمل من اللحم على عصب، وماعز هذا: هو ابن مالك الأسلمي ، قيل: يكنى: أبا عبد الله لولد كان له.

                                                                                              [وفي الصحابة: ماعز التميمي غير منسوب لأب، ويقال: هو المكنى بأبي عبد الله ] وكان ماعز هذا تحت حجر هزال بن رئاب أبي نعيم الأسلمي ، فوقع على جارية هزال ، فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: (هلا سترته بردائك؟!)

                                                                                              و(قوله: فلما أذلقته الحجارة) أي: أصابته بحدها، وذلق كل شيء: حده. ومنه لسان ذلق، وفي حديث ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لماعز : (أحق ما بلغني عنك؟) قال: وما بلغك عني؟ قال: (بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان) قال: نعم هذه الرواية مخالفة لما تقدم; لأنها تضمنت أن ماعزا هو الذي بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسؤال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - معرض عنه؟ حتى أقر أربع مرات، وهذا أحد المواضع الثلاثة المضطربة في حديث ماعز .

                                                                                              والثاني: في الحفر له، ففي بعضها: أنه حفر له، وفي بعضها: أنه لم يحفر له، وفي بعضها: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى عليه بعدما رجم، وفي بعضها: لم يصل عليه. وكذلك في الاستغفار له، وكلها في الصحيح - والله تعالى أعلم - بالسقيم من الصحيح.

                                                                                              [ ص: 103 ] وفي حديث ماعز والغامدية ما يدل على: أن التوبة - وإن صحت - لا تسقط حد الزنى، وهو متفق عليه، واختلف فيما عداه من الحدود، فالجمهور على أنها لا تسقط شيئا من الحدود إلا حد الحرابة; فإنه يسقط لقوله تعالى: إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم [المائدة : 34] فتسقط عنه الحدود، ويؤخذ بحقوق الآدميين من الدماء والأموال، وروي عن علي أن التوبة تسقط عنه كل شيء. وروي عن ابن عباس وغيره: أن التوبة لا تسقط عن المحارب حقا ولا حدا، وروي عن الشافعي أن التوبة تسقط حد الخمر.




                                                                                              الخدمات العلمية