الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 289 ] ذكر أخبار صاحب الزنج

في هذه السنة سير جعلان لحرب صاحب الزنج بالبصرة ، فلما وصل إلى البصرة نزل بمكان بينه وبين صاحب الزنج فرسخ ، وخندق عليه وعلى أصحابه ، وأقام ستة أشهر في خندقة ، وجعل يوجه الزينبي وبني هاشم ومن خف لحربهم هذا اليوم الذي تواعدهم جعلان للقائه ، فلم يكن بينهم إلا الرمي بالحجارة والنشاب ، ولا يجد جعلان إلى لقائه سبيلا ، لضيق المكان عن مجال الخيل ، وكان أكثر أصحاب جعلان خيالة .

فلما طال مقامه في خندقه أرسل صاحب الزنج أصحابه إلى مسالك الخندق ، فيبيتوا جعلان ، وقتلوا من أصحابه جماعة ، وخاف الباقون خوفا شديدا .

وكان الزينبي قد جمع البلالية ، والسعدية ووجه بهم من مكانين ، وقاتلوا الخبيث ، فظفر بهم ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، فترك جعلان خندقه وانصرف إلى البصرة ، وظهر عجزه للسلطان ، فصرفه عن حرب الزنج ، وأمر سعيدا الحاجب بمحاربتهم .

وتحول صاحب الزنج ، بعد ذلك ، من السبخة التي كان فيها ، ونزل بنهر أبي الخصيب ، وأخذ أربعة وعشرين مركبا من مراكب البحر ، وأخذوا منها أموالا كثيرة لا تحصى ، وقتل من فيها ، ونهبها أصحابه ثلاثة أيام ، وأخذ لنفسه بعد ذلك من النهب .

التالي السابق


الخدمات العلمية