الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عود أبي أحمد إلى واسط

وفيها انحاز أبو أحمد من موضعه إلى واسط ; وكان سبب ذلك أنه لما سار إلى نهر أبي الأسد كثرت الأمراض في أصحابه ، وكثر فيهم الموت ، فرجع إلى باذاورد فأقام بها ، وأمر بتجديد الآلات ، وإعطاء الجند أرزاقهم ، وإصلاح السميريات والشذا ، وشحنها بالقواد ، وعاد إلى عسكر صاحب الزنج ، وأمر جماعة من قواده بقصد مواضع سماها من نهر أبي الخصيب وغيره ، وبقي معه جماعة ، فمال أكثر الخلق ، حين التقى الناس ونشبت الحرب ، إلى نهر أبي الخصيب ، وبقي أبو أحمد في قلة أصحابه ، فلم يزل عن موضعه خوفا أن يطمع الزنج .

ولما رأى الزنج قلة من معه طمعوا فيه ، وكثروا عليه ، واشتدت الحرب عنده ، وكثر القتل والجراح ، وأحرق أصحاب أبي أحمد منازل الزنوج ، واستنقذوا من النساء جمعا كثيرا ، ثم ألقى الزنج جدهم نحوه ، فلما رأى أبو أحمد ذلك علم أن الحزم في المحاجزة ، فأمر أصحابه بالرجوع إلى سفنهم على مهل وتؤدة .

( واقتطع الزنج ) طائفة من أصحابه ، فقاتلوهم ، فقتلوا من الزنج خلقا كثيرا ، ثم قتلوا جميعهم ، وحملت رءوسهم إلى قائد الزنج ، وهي مائة رأس وعشرة أرؤس ، فزاد ذلك في عتوه .

[ ص: 306 ] ونزل أبو أحمد في عسكره بباذاورد ، فأقام يعبئ أصحابه للرجوع إلى الزنج ، فوقعت نار في أطراف عسكره ، في يوم ريح عاصف ، فاحترق كثير منه ، فرحل منها إلى واسط ، فلما نزل واسط تفرق عنه عامة أصحابه ، فسار منها إلى سامرا ، واستخلف على واسط ، لحرب العلوي محمد بن المولد .

التالي السابق


الخدمات العلمية