الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وكسقوط جدار ; مال وأنذر صاحبه وأمكن تداركه )

                                                                                                                            ش : قال في كتاب الديات من المدونة والحائط المخوف إذا أشهد على ربه ثم عطب به أحد فربه ضامن وإن لم يشهد به عليه لم يضمن ، وإن كان مخوفا ا هـ ولم يبين عند من يكون الإشهاد قال في التوضيح قال ابن عبد السلام ومعناه عند القاضي أو من له النظر في ذلك ولا ينفع الإشهاد إذا لم يكن كذلك إذا كان رب الحائط منكرا لميلانه بحيث يخشى عليه السقوط وأما إن كان مقرا فإنه يكتفي بالإشهاد وإن لم يكن عند حاكم قاله بعض القرويين . وقال ابن الماجشون : لا يضمن إلا إذا قضى عليه السلطان بالهدم فلم يفعل وقال أشهب إذا بلغ الحائط ما لا يجوز لصاحبه تركه لشدة ميلانه فهو متعد ضامن أشهد عليه أم لا انتهى . وقال في العتبية في أول مسألة من سماع يحيى من كتاب السلطان قال يحيى وسألت ابن القاسم عن جدار رجل بين داره ودار جاره مال ميلا شديدا حتى خيف انهدامه أترى السلطان إذا شكا ذلك جاره ومن يخاف من إذايته وضرره أن يأمر صاحبه بهدمه ؟ فقال نعم ذلك واجب عليه أن يأمره بهدمه قلت له فإن شكا إليه ما يخاف انهدام الجدار فلم يهدمه حتى انهدم على إنسان أو دابة أو بيت لصق به فقتل أو هدم ما سقط عليه أيضمن ذلك صاحب الجدار ؟ قال نعم يضمن كل ما أصاب الجدار بعد الشكية إليه والبيان له قال يحيى : وإن لم يكن ذلك بسلطان فإنه ضامن إذا انهدم وأشهد عليه قال ابن رشد : قول يحيى إنه ضامن لما أفسد الحائط إذا انهدم بعد التقدم إليه والإشهاد عليه وإن لم يكن ذلك بسلطان مفسر لقول ابن القاسم ومثل ما في المدونة ا هـ وقد قيل إنه لا ضمان عليه إلا فيما أفسد بانهدامه بعد أن قضى عليه السلطان بهدمه ففرط في ذلك وهو قول عبد الملك وقول ابن وهب في سماع زونان وقد قيل إنه ضامن لما أصاب إذا تركه بعد أن بلغ حدا كان يجب عليه هدمه وإن لم يتقدم إليه ولا أشهد عليه وهو قول أشهب وسحنون انتهى ( فرع ) قال في المدونة وإذا كانت الدار مرهونة أو مكتراة لم ينفعهم الإشهاد إلا على ربها فإن غاب رفع أمره إلى الإمام ولا ينفعهم الإشهاد على الساكن إذ ليس لهم هدم الدار انتهى . وقال في النوادر في ترجمة الكلب العقور والجمل الصئول من كتاب الديات الثاني عن سماع أشهب إنه لا ضمان على ربها ولا على من هي بأيديهم ولو أمرهم السلطان بالهدم والبناء فلا شيء عليهم قال محمد بن عبد الحكم وينبغي للقاضي إذا كان الحائط مخوفا لا يمهل أصحابه أن يحضروا حتى يهدم أعلا المكان فإن لم يحضروا أمر بهدمه وأنفق على ذلك من نقضه إن لم يجد لهم مالا فإن كان الصبي في ولاية أب أو وصي فإليهما يتقدم السلطان فإن لم يفعل من قدم ذلك إليه حتى سقط فما أفسد أو قتل كان [ ص: 322 ] ذلك في ماله من أب أو وصي دون مال الصبي إذا أمكن الهدم وتركاه انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيه ) إذا كان رب الحائط غائبا وكان له وكيل وتقدم إليه فلم يفعل حتى سقط الحائط فهل يضمن ذلك في ماله لم أر فيه نصا صريحا والظاهر أنه يضمن قياسا على الأب والوصي فتأمله والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيه ) قال ابن رشد في أول سماع يحيى من كتاب السلطان إثر كلامه المتقدم والضمان في ذلك لا يتعدى المال إلى العاقلة عند ابن القاسم كذا روى عيسى عنه في رسم لم يدرك من كتاب الديات وهو ظاهر قوله في هذه الرواية وروى زونان في سماعه عن ابن وهب أن العاقلة تحمل من ذلك الثلث فصاعدا وهو قول مالك رواه عنه أشهب وابن عبد الحكم انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية