الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ، وقال في المدونة : ومن التقط لقيطا فأنفق عليه فأتى رجل أقام البينة أنه ابنه فله أن يتبعه بما أنفق إن كان الأب موسرا في حين النفقة ; لأنه ممن تلزمه نفقته هذا إن تعمد الأب طرحه وإن لم يكن هو طرحه فلا شيء عليه ، وقال مالك في صبي ضل عن والده فأنفق عليه رجل فلا يتبع أباه بشيء ، قال أبو الحسن : هذا دليل على قوله لم يتعمد طرحه كأنه يقول فكذلك مسألتك في الذي لم يتعمد الأب طرحه ، انتهى . وقال البساطي في شرح قول المؤلف : ورجوعه على أبيه إلى آخره ، أي : ووجب للمنفق الرجوع على أبي اللقيط إذا طرحه عمدا أما إنه يرجع عليه فلأن النفقة بالأصالة على الأب وطرحه لا يسقطها وأما إنه إذا لم يطرحه أو طرحه بوجه كمن زعم أنه سمع أن من طرح ابنه يعيش له الذي هو مفهوم كلام المؤلف فلأن أخذ الملتقط له والحالة هذه منع من إنفاق الأب عليه وهو ظاهر فيما إذا طرحه بوجه ، انتهى . فتأمله مع كلام المدونة ، والله أعلم . وبقي على المؤلف قيدان في المسألة ، الأول أن يكون الأب حين الإنفاق موسرا وقد ذكره في المدونة ونبه عليه في التوضيح وتركه المصنف اعتمادا على ما قدمه في فصل النفقة من أن نفقة الولد إنما تجب على الموسر . القيد الثاني أن لا يكون المنفق أنفق حسبة وهذا يدل عليه قوله بعد والقول قوله ، أنه لم ينفق حسبة فتأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( والقول قوله إنه لم ينفق حسبة ) ش يعني إذا طرحه أبوه عمدا ولزمته نفقته فادعى على المنفق أنه إنما أنفق حسبة وادعى المنفق عدم الحسبة فالقول قوله ، قال في الجواهر : مع يمينه ، وقال ابن عبد السلام : فيقبل قوله في أنه أنفق ليرجع وينبغي أن يكون بيمين ، انتهى . يظهر أنه بحث من عنده وقد صرح به ابن شاس كما علمت ونبه عليه في التوضيح ( تنبيه ) انظر لو اختلفا في طرحه فادعى الملتقط أن أباه طرحه عمدا وأنكره الأب فالقول قول من أشبه منهما وكذلك لو اختلفا في عسر الأب وقت الإنفاق أو يسره ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وولاؤه للمسلمين )

                                                                                                                            ش : قال في الجواهر : ولا يختص به الملتقط إلا بتخصيص الإمام ، انتهى . وقال فيها أيضا : وأرش خطئه على بيت المال وإن جنى عليه فالأرش له ، انتهى .

                                                                                                                            ص ( كأن لم يكن فيها إلا بيتان إن التقطه مسلم )

                                                                                                                            ش : قال في تضمين الصناع من المدونة إلا البيتين والثلاثة ونقله في الجواهر فمفهومه أن لو كانوا أكثر من ذلك حكم بإسلامه مطلقا سواء التقطه مسلم أو كافر ، وقال في التوضيح : ويفهم من تعيين المصنف يعني ابن الحاجب هذه الصورة للخلاف أنه لو كان المسلمون مساوين أو أكثر أو قريبا من التساوي أن يحمل اللقيط على الإسلام ولو التقطه مشرك ، انتهى . ومفهوم المدونة أنه إذا كانوا أكثر من ثلاثة ولو لم يكونوا قريبا من التساوي لحكم بإسلامه مطلقا كما تقدم وانظر قولهم البيتين والثلاثة لو لم يكن فيهما إلا واحد [ ص: 82 ] والظاهر أن الحكم متحد ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وفي قرى الشرك مشرك ) ش نحوه في المدونة ، قال أبو الحسن : وسواء التقطه مسلم أو كافر ، انتهى . وفي الذخيرة وفي قرى الكفر ومواضعهم فهو كافر ولا يعرض له إلا أن يلتقطه مسلم فيجعله على دينه ، انتهى . فتأمله .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية