الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو وهبته ) وأقبضته ( له ) بعد أن قبضته أو قبله وصححناه ( ثم طلق ) مثلا قبل وطء ( فالأظهر أن له نصف بدله ) من مثل أو قيمة لا بدل نصفه كما مر وذلك لعوده إليه بملك جديد فهو كما لو وهب ما اشتراه من بائعه ثم أفلس بالثمن فإن البائع يضارب به وكون الموهوب ثم غير الثمن المستحق وهنا عين المستحق لا أثر له لأن علة المقابل وهي كونها عجلت له ما يستحقه تتأتى فيما سلمه من مسألة المفلس فكانت حجة عليه ( وعلى هذا ) الأظهر ( لو وهبته النصف ) ثم أقبضته له ( فله نصف الباقي ) وهو الربع ( وربع بدله كله ) لأن الهبة وردت على مطلق النصف فتشيع فيما أخرجته وما أبقته ( وفي قول النصف الباقي ) لأنه استحق النصف بالطلاق وقد وجده فانحصر حقه فيه ومن ثم سمي هذا قول الحصر ( وفي قول يتخير بين بدل نصف كله ) أي نصف بدل كله كما بأصله وكأنه أشار لما مر أنه يمكن رد كل من العبارتين إلى الأخرى وأن المعتمد الثاني ( أو ) بمعنى الواو إذ هي لا يعطف بها في مدخول بين ( نصف الباقي وربع بدل كله ) لئلا يلحقه ضرر التشطير إذ هو عيب ( تنبيه )

                                                                                                                              ما صححوه هنا من الإشاعة هو من جزئيات قاعدة الحصر والإشاعة وهي قاعدة مهمة تحتاج لمزيد تأمل لدقة مداركهم التي حملتهم على ترجيح الحصر تارة والإشاعة أخرى ولم أر من وجه ذلك مع مس الحاجة إليه [ ص: 414 ] ويتضح بذكر مثال لكل من جزئياتها مع توجيهه بما يتضح به نظائره فأقول هي أربعة أقسام ما نزلوه على الإشاعة قطعا كأن يكون له في ذمته عشرة وزنا فيعطيها له عدا فتزيد واحدا فيشيع في الكل ويضمنه لأنه قبضه لنفسه جزم به الرافعي وأخذ منه أن من طلب اقتراض ألف وخمسمائة فوزن له ألفا وثمانمائة غلطا ثم ادعى المقترض تلف الثلثمائة بلا تقصير لكون يده يد أمانة لزمه منها مائتان وخمسون لأن جملة الزائد أشيع في الباقي فصار المضمون من كل مائة خمسة أسداسها وسدسها أمانة فالأمانة من الزائد خمسون لا غير ويوجه القطع بالإشاعة هنا بأن ليد المسئولية على الزائد المنبهم لا يمكن تخصيصها ببعضه لعدم المرجح إذ لا مقتضى للضمان أو الأمانة قبلها حتى يحال الأمر عليه أو على الأصح كما هنا ويوجه بأن التشطير وقع بعد الهبة فرفع بعضها فلزمت الإشاعة لعدم المرجح وكبيع صاع من صبرة تعلم صيعانها فينزل على الإشاعة كما مر لأن البعضية المنبثة في الصبرة التي أفادتها من ظاهرة في ذلك وقيل على الحصر حتى لو صبت عليها صبرة أخرى ثم تلف الكل إلا صاعا تعين .

                                                                                                                              وكما إذا أقر بعض الورثة بدين فيشيع حتى لا يلزمه إلا قدر حصته عملا بقضية كون الإقرار إخبارا عما لزم الميت فلم يلزمه منه إلا بقدر إرثه وما نزلوه على الحصر قطعا كأعطوه عبدا من رقيقي فمات وماتوا كلهم إلا واحدا تعينت الوصية فيه أي رعاية لغرض الموصي من بقاء وصيته بحالها حيث لم يعارضها شيء كما راعوه في تعين ما عينه لقضاء دينه منه وفي صحتها إذا ترددت بين مفسد ومصحح كالطبل يحمل على المباح وعلى الأصح كما لو وكل شريكه في قن في عتق نصيبه فقال له أعتقت نصفك وأطلق فيحمل على ملكه فقط لأنه الأقوى فاحتاج لصارف ولم يوجد ومن ثم لو ملك نصف عبد وقال بعتك نصف هذا اختص بملكه وكذا لو أقر بنصف عبد مشترك ينحصر في حصته كما مر قبيل فصل النسب

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              . [ ص: 413 - 414 ] قوله فقال ) أي القن



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وأقبضته ) عبارة المغني بلفظ الهبة بعد قبضها له والمهر عين وخرج بما ذكر ما لو لم تهبه بلفظ الهبة بل باعته له محاباة فإنه يرجع بنصفه قطعا وإن كانت المحاباة في معنى الهبة وما لو وهبته قبل قبضه فإن الهبة باطلة على المذهب وإن كان في كلام الشارح ما يوهم خلافه وسيأتي هبة الدين ا هـ وكذا في النهاية إلا قوله بل باعته إلى قوله وما لو وهبته قال ع ش قوله ما لو لم تهبه بلفظ الهبة أي كأن قالت له أعمرتك أو أرقبتك فإن كلا منهما هبة بغير لفظ الهبة ا هـ عبارة الروض مع شرحه وإن كان الصداق عينا اشترط في التبرع به التمليك بالإيجاب والقبول والإقباض ويجزئ لفظ العفو لظاهر القرآن كما يكفي لفظ الهبة والتمليك لا لفظ الإبراء ونحوه كالإسقاط ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كما مر ) أي في شرح وإلا فنصف قيمته سليما ( قوله لعوده إلخ ) عبارة المغني لأنه ملك المهر قبل الطلاق من غير جهة الطلاق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فهو ) أي هبة الزوجة الصداق للزوج ( قوله فيما سلمه ) الضمير المستتر هنا والمجرور في قوله الآتي حجة عليه للمقابل ( قوله وهو الربع ) أي ربع الصداق ( قوله فتشيع إلخ ) الأولى التذكير كما في النهاية والمغني عبارة الثاني فيشيع الراجع فيما أخرجته وما أبقته وهذا يسمى قول الإشاعة وكان الأولى أن يقول بدل ربع كله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لما مر ) أي في شرح وإلا فنصف قيمته سليما ( قوله وأن المعتمد ) أي بقطع النظر عن رد الأولى إلى الثانية وقوله الثاني أي نصف بدل كله ( قوله في مدخول بين ) أي لأنه لا يضاف إلا إلى متعدد .

                                                                                                                              ( قوله قاعدة الحصر والإشاعة ) يعني حصر الحكم في بعض الكل تارة وإشاعته في الكل أخرى وقوله من وجه ذلك أي أقام دليلا على ذلك الترجيح ا هـ كردي ( قوله ولم أر إلخ ) المسألة مبسوطة في قواعد [ ص: 414 ] الزركشي فراجعها ا هـ سيد عمر ( قوله ويتضح ) أي وجه ذلك الترجيح ( قوله بذكر مثال لكل من جزئياتها إلخ ) أي بذكر مثال لكل قسم من أقسامها الأربعة الآتية مع دليله ليتضح به نظائره من ذلك القسم ا هـ كردي ( قوله هي أربعة أقسام إلخ ) أي القاعدة أربعة أقسام الأول ما نزلوه على الإشاعة قطعا ا هـ كردي ( قوله له ) أي لزيد وقوله في ذمته أي عمر وعشرة من الدراهم ( قوله فيعطيها ) أي العشرة التي في ذمته وقوله عدا أي مع الموافقة وزنا ( قوله فتزيد ) كذا فيما بأيدينا من النسخ بالمثناة الفوقية ولعله من تحريف الناسخ وأنه في الأصل بالمثناة التحتية وعلى كل فالزيادة على سبيل الغلط ( قوله فيشيع ) أي الواحد الزائد وقوله في الكل أي في كل من أحد عشر ( قوله ويضمنه ) أي الواحد الشائع في الكل فيصير المضمون من كل واحد من العشرة جزءا من أحد عشر أجزائه ( قوله لأنه ) متعلق بقوله يضمنه والضمير للواحد الشائع ( قوله وأخذ ) ببناء المفعول ( قوله منه ) أي المثال المذكور والذي جزم به الرافعي .

                                                                                                                              ( قوله لكون يده إلخ ) تعليل للتقييد بعدم التقصير ( قوله لزمه إلخ ) خبر أن ( قوله في الباقي ) لعل الأولى المناسب لسابقه المأخوذ منه أن يقول في الكل ( قوله وسدسها أمانة ) عطف على اسم صار وخبره ( قوله من الزائد ) أي الثلثمائة ( قوله هنا ) أي في مسألة الشارح ( قوله تخصيصها ) أي اليد ( قوله ببعضه ) أي بعض ما قبضه الدائن أو المقترض ( قوله إذ لا مقتضى للضمان ) أي في المثال الأول أو الأمانة أي في المثال الثاني ( قوله قبلها ) أي اليد ( قوله أو على الأصح ) عطف على قوله قطعا أي والقسم الثاني ما نزلوه على الإشاعة ( قوله كما هنا ) أي في مسألة المتن ( قوله ويوجه ) أي تصحيح الإشاعة في مسألة المتن ( قوله وكبيع صاع إلخ ) كقوله الآتي وكما إذا أقر إلخ عطف على قوله كما هنا ( قوله كما مر ) أي في البيع ( قوله التي إلخ ) صفة البعضية وقوله من فاعل أفادتها وقوله ظاهرة خبر أن وقوله في ذلك أي الإشاعة ( قوله وقيل على الحصر ) أي ينزل الصاع على الحصر ( قوله فيشيع ) أي الدين في جميع التركة ( قوله منه ) أي الدين المقر به ( قوله إلا بقدر إرثه ) أي بنسبة إرثه إلى مجموع التركة ( قوله وما نزلوه إلخ ) عطف على قوله ما نزلوه على الإشاعة ( قوله فمات ) أي الموصي وقوله وماتوا أي العبيد ( قوله كما راعوه ) أي غرض الموصي ( قوله منه ) أي مما عينه ( قوله وفي صحتها ) عطف على في تعين إلخ ( قوله وعلى الأصح ) عطف على قطعا من قوله على الحصر قطعا ولو عبر بأو بدل الواو لكان أولى وأوفق لسابقه .

                                                                                                                              ( قوله فقال ) أي شريكه له أي للقن ( قوله وأطلق ) أي لم يقصد شيئا من نصيبه ونصيب شريكه ( قوله على ملكه ) أي الوكيل




                                                                                                                              الخدمات العلمية