الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه السادس عشر: أن الله تعالى قد قال: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب [الشورى: 51]. ومعلوم أن هذا التكليم هو مثل تكليمه لموسى كما جاء في الحديث المتقدم: "أنت موسى الذي كلمك الله من وراء حجاب ولم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه".

وهذا التكليم أرفع درجة من تكليمه بالوحي أو إرسال رسول باتفاق المسلمين، كما دل عليه الكتاب والسنة، فإن كان الحجاب هو عدم خلق الرؤية كان المعنى أن الله عز وجل كلمه مع عدم رؤيته، ومعلوم أن عدم الرؤية قدر مشترك في جميع هذه الأنواع، وأن ذلك ليس مما يفضل به موسى، وإذا لم [ ص: 130 ] يكن التكليم من وراء حجاب لا يفيد إلا هذا المعنى، كان ما ثبت لموسى دون ما ثبت لغيره من الرسل، وهذا معلوم الفساد بالاضطرار من دين الإسلام، لا سيما إذا قرن بذلك في أن تكليمه هو خلق إدراك المعنى القائم فيه، فيكون لموسى من التكليم ما لا يحصيه إلا رب السماء، ولهذا يدعي طوائف من الجهمية أنه يحصل لهم من التكليم مثل ما حصل لموسى، ومنهم من يدعي أنه يحصل لهم أرفع من ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية