الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه الثامن: أن القرآن والأحاديث تصرح بأن الكفار يلاقون الله عز وجل، وبأن من أنكر ذلك فهو كافر، كقوله تعالى: قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله [الأنعام: 31]. وقوله ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين [يونس: 45]. وقوله تعالى: ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه [التوبة: 75-77]. وقوله: أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم [الكهف: 105]. وقوله: والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي [العنكبوت: 23]. وقوله: وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون [الروم: 8]. وقوله: ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط [فصلت: 54].

وغير ذلك كما تقدم، وإذا كان كذلك فمذهبه ومذهب [ ص: 54 ] أصحابه وغيرهم، أن الكفار لا يرون الله عز وجل، فكيف يفسر لقاؤهم لله عز وجل بأنهم يرونه؟.

وأيضا من أنكر أنهم يرون الله عز وجل لا يكفره، بل من أنكر رؤية الله تعالى لا يكفره، والقرآن قد كفر من أنكر لقاء الله عز وجل.

فإذا فسر اللقاء بمجرد الرؤية، وجب أن يجعل القرآن مخبرا بكفر من أنكر الرؤية في هذه الآيات، وهو لا يقول بذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية