الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو كان أوصى بثلث ماله لصاحب الرقاب ، وبخدمة أحدهم بعينه لصاحب ، الخدمة ولا مال غيرهم له قسم الثلث بينهما نصفين .

                                                                                                                                ووجه ذلك : أن العبد الموصى بخدمته اجتمع فيه وصيتان : وصية بجميعه ، ووصية بثلثه ; لأنه أوصى له بثلث ماله ، وخدمة العبد مال .

                                                                                                                                ألا ترى أن من أوصى لآخر بخدمة عبده اعتبر ذلك من الثلث بخلاف ما ذكرنا في المسألة الأولى أنه إذا أوصى له بثلث الرقاب أن الموصى له بالرقاب لا حق له في العبد الذي أوصى بخدمته ما دام الموصى له باقيا ; لأنه أوصى له بالرقبة ، والخدمة ليست من الرقبة في شيء ، وههنا أوصى له بالمال ، والخدمة مال ; فلذلك قلنا : إنه إذا اجتمع في العبد الموصى بخدمته وصيتان : وصية بجميعه ، ووصية بثلثه فالثلثان لصاحب الخدمة بلا منازعة ، والثلث بينهما نصفان ، فيجعل العبد على ستة أسهم : أربعة أسهم خلت عن دعوى صاحب الثلث ، وسلمت لصاحب الخدمة بلا منازعة ، وسهمان استوت منازعتهما فيهما ، فينقسم بينهما لكل واحد منهما سهم .

                                                                                                                                فصار لصاحب الخدمة خمسة أسهم ولصاحب الثلث سهم ، فإذا صار هذا العبد على ستة أسهم صار العبدان الآخران على اثني عشر : فثلثها أربعة ضمت إلى ستة ، فتصير عشرة ، فهذه جملة وصاياهم ، فاجعل هذا ثلث المال ، وثلثاه مثلاه عشرون ، وجميع المال ثلاثون ، فيتبين أن كل عبد صار عشرة ، فالعبد الموصى بخدمته عشرة يخدم الموصى له بخدمته خمسة أيام وللورثة أربعة أيام ، ويخدم صاحب الثلث يوما ولصاحب الثلث من العبدين الآخرين أربعة أسهم ، فتصير الوصية عشرة : ستة في العبد الموصى بخدمته وأربعة أسهم في العبدين الباقيين ، وللورثة عشرون في كل عبد من الباقيين ثمانية أسهم وأربعة من الموصى بخدمته ، فاستقام على الثلث ، والثلثين ، وهذا قول أبي حنيفة - رحمه الله - ( وأما ) على قولهما فإنهما يسلكان مسلك العول ، فالعبد الذي أوصى بخدمته اجتمع فيه وصيتان : وصية بجميعه ، ووصية بثلثه ، ومخرج الثلث ثلاثة فصاحب الجميع يضرب له بالجميع ثلاثة وصاحب الثلث يضرب له بالثلث سهم وصار هذا العبد على أربعة ، فلما صار هذا العبد على أربعة صار العبدان الآخران كل واحد منهما على ثلاثة بغير عول ; لأنه لا حاجة إلى العول في ذلك ، فالثلث بينهما سهمان ضمه إلى أربعة ، فيصير ستة فاجعل هذا ثلث المال ، وثلثاه مثلاه اثنا عشر ، والجميع ثمانية عشر ، فتبين أن العبد الموصى بخدمته صار على ستة : يخدم لصاحب الخدمة ثلاثة أيام وللآخر يوما وللورثة يومين ، وللموصى له بالثلث من العبدين الآخرين سهمان ، فصارت الوصية ستة : أربعة أسهم في العبد الموصى له بخدمته ، وسهمان في العبدين ، وللورثة اثنا عشر سهما : سهمان في العبد الموصى له بخدمته ، وعشرة أسهم في العبدين ، فاستقام على الثلث ، والثلثين .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية