الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو كان لرجل على رجل ألف درهم دين فأمره أن يعمل بها مضاربة ويشتري بها ما بدا له من المتاع ثم يبيعه بالنصف فهذا فاسد ; لأن شرط صحة المضاربة كون رأس المال عينا ولم يوجد ذلك عند العقد ولا بعده .

فالمديون لا يكون قابضا للدين من نفسه لصاحبه ، وصاحب الدين لا يمكن أن يبرئه عن الضمان مع بقائه بدون القبض فإذا لم تصلح المضاربة فما اشتراه المديون فهو له لا شيء لرب المال منه في قول أبي حنيفة - رحمه الله - ودينه عليه بحاله وفي قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله ما اشترى فهو لرب المال ، والمضارب بريء من دينه وله على رب المال أجر مثله فيما عمل ، وهو بناء على مسألة كتاب البيوع إذا قال لمديونه : اشتر بمالي عليك ثوبا هرويا وقد بيناها ثمة ، ثم عندهما المضاربة فاسدة فلهذا كان الربح كله لرب المال وللمضارب أجر مثله ولو قال رب المال لرجل آخر اقبض ما لي على فلان ثم اعمل به مضاربة بالنصف فهو جائز ; لأنه وكيل رب المال في قبض الدين منه ، فإذا قبضه كان المقبوض بمنزلة الوديعة في يده فتنعقد المضاربة بينهما برأس مال هو عين في يده وذكر في النوادر أن هذا يكره ; لأنه شرط لنفسه منفعة قبل عقد المضاربة ليس ذلك مما حصل به الربح وهو تقاضى الدين وقبضه فالكراهة لهذا والله أعلم

.

التالي السابق


الخدمات العلمية