الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو اشترى المضارب عبدا لم يره وقد رآه [ ص: 56 ] رب المال فللمضارب أن يرده بخيار الرؤية ; لأن رؤية رب المال لا تكون دليل الرضا منه به فإنه ما كان يعلم أن المضارب يشتري ذلك العبد بعينه لا عند رؤيته ولا عند عقد المضاربة ، وبعد الرؤية لو اشتراه رب المال وهو لا يعلم عند الشراء أنه ذلك العبد لا يسقط خيار رؤيته فإذا اشتراه مضاربة أولى أن لا يسقط الخيار بتلك الرؤية .

ولو رآه المضارب ثم اشتراه لم يكن لواحد منهما خيار وإن لم يره رب المال ; لأن المضارب عالم عند الشراء بأنه يشتري ذلك الذي رآه فالرؤية السابقة منه دليل الرضا به ، وفيما يبنى على الرضا ولزوم العقد العاقد لغيره كالعاقد لنفسه .

ولو كان رب المال قد علم أنه أعور قبل أن يشتريه المضارب فاشتراه المضارب وهو لا يعلم به فله أن يرده بالعيب ; لأن رب المال ما كان يعلم أن مضاربه يشتري ذلك العبد بعينه ، فعلمه بالعور لا يكون دليل الرضا منه بعيبه في ملك نفسه ; ولأن المضارب بمطلق العقد يستحق صفة السلامة فإنه ما كان يعلم بالعيب على العبد ولا علم لرب المال بعيبه ، فبفوات صفة السلامة يثبت له حق الرد ، والوكيل بشراء عبد بغير عينه بألف درهم بمنزلة المضارب في جميع ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية