الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
469 - أخبركم أبو عمر بن حيويه ، وأبو بكر الوراق قالا : أخبرنا يحيى قال : حدثنا الحسين قال : أخبرنا ابن المبارك قال : أخبرنا حيوة بن شريح قال : حدثني الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان المدني ، أن عقبة بن مسلم ، حدثه عن شفي بن ماتع الأصبحي قال : قدمت المدينة فدخلت المسجد ، فإذا الناس قد اجتمعوا على رجل ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا أبو هريرة : فلما تفرق الناس دنوت منه ، فقلت : يا أبا هريرة! حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينك وبينه فيه أحد من الناس ، فقال : أفعل ، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه أحد من الناس ، ثم نشغ نشغة فأفاق ، فهو يقول : أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينه وبيني أحد من الناس ، ثم نشغ الثانية فأفاق ، وهو يقول : لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه فيه أحد من الناس ، ثم نشغ الثالثة ، أو الرابعة ثم أفاق ، وهو يقول : أفعل ، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا البيت ليس معي فيه غيره ، سمعت رسول الله صلى الله عليه [ ص: 160 ] وسلم يقول : إذا كان يوم القيامة ، ينزل الله إلى عباده ليقضي بينهم ، فكل أمة جاثية ، فأول من يدعى رجل جمع القرآن ، فيقول الله تعالى له : عبدي! ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ فيقول : بلى يا رب ، فيقول : ماذا عملت فيما علمتك ؟ فيقول : يا رب! كنت أقوم به آناء الليل ، وآناء النهار ، فيقول الله له : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت ، بل أردت أن يقال : فلان قارئ ، فقد قيل ذاك ، اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء ، ثم يؤتى بصاحب المال ، فيقول الله له : عبدي ، ألم أنعم عليك ؟ ألم أفضل عليك ؟ ألم أوسع عليك ؟ أو نحوه ، فيقول : بلى يا رب ، فيقول : ماذا عملت فيما آتيتك ؟ فيقول : يا رب! كنت أصل الرحم ، وأتصدق ، وأفعل ، وأفعل ، فيقول الله : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت ، بل أردت أن يقال : فلان جواد ، فقد قيل ذاك ، اذهب فليس لك عندنا اليوم شيء ، ويدعى المقتول ، فيقول الله له : عبدي ، فيم قتلت ؟ فيقول : يا رب ، فيك ، وفي سبيلك ، فيقول الله تعالى : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت ، بل أردت أن يقال : فلان جريء ، فقد قيل ذاك ، اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء ، قال أبو هريرة : ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على ركبتي ، ثم قال : " يا أبا هريرة! أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة " ، قال حيوة أو أبو عثمان : فأخبرني العلاء بن حكيم وكان سيافا لمعاوية أنه دخل عليه رجل يعني على معاوية ، فحدثه بهذا الحديث عن أبي هريرة ، قال الوليد : فأخبرني عقبة ، أن شفيا هو الذي دخل على معاوية فحدثه بهذا الحديث ، قال : فبكى معاوية فاشتد بكاؤه ثم أفاق ، وهو يقول : صدق الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في [ ص: 161 ] الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون .

التالي السابق


الخدمات العلمية