الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
867 - أخبركم أبو عمر بن حيويه قال : حدثنا يحيى قال : حدثنا الحسين قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك قال : أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : حدثني بلال بن سعد أن عامر بن عبد قيس ، وشي به إلى زياد وقال غيره : إلى ابن عامر فقيل له : إن ههنا رجلا يقال له : ما إبراهيم خير منك ، فيسكت ، وقد ترك النساء ، فكتب فيه إلى عثمان ، فكتب إليه : " أن أنفه إلى الشام على قتب " ، فلما جاءه الكتاب أرسل إلى عامر ، فقال : أنت الذي قيل لك : ما إبراهيم خير منك ، فتسكت ، فقال : أما والله ما سكوتي إلا تعجبا ، لوددت أني كنت غبارا على قدميه ، فدخل بي الجنة قال : ولم تركت النساء ؟ قال : والله ما تركتهن إلا أني قد علمت أنها متى تكون امرأة فعسى أن يكون ولد ، ومتى يكون ولد تشعبت الدنيا قلبي ، فأحببت التخلي من ذلك ، فأجلاه على قتب إلى الشام ، فلما قدم أنزله معاوية معه الخضراء ، وبعث إليه بجارية ، وأمرها أن تعلمه ما حاله ؟ فكان يخرج من السحر ، فلا تراه إلا بعد العتمة ، فيبعث إليه معاوية بطعام ، فلا يعرض لشيء منه ، ويجيء معه بكسر ، فيجعلها في ماء ، فيأكل منها ، ويشرب من ذلك [ ص: 300 ] الماء ، ثم يقوم ، فلا يزال ذلك مقامه حتى يسمع النداء فيخرج ، فلا تراه إلى مثلها ، فكتب معاوية إلى عثمان يذكر له حاله ، فكتب إليه : " أن اجعله أول داخل ، وآخر خارج ، ومر له بعشرة من الرقيق ، وعشرة من الظهر " ، فلما أتى معاوية الكتاب أرسل إليه ، فقال له : إن أمير المؤمنين كتب إلي : أن آمر لك بعشرة من الرقيق ، فقال : إن علي شيطانا قد غلبني ، فكيف أجمع علي عشرة ؟ قال : وأمر لك بعشرة من الظهر ، قال : إن لي لبغلة واحدة ، وإني لمشفق أن يسألني الله عز وجل ، عن فضل ظهرها يوم القيامة ، قال : وأمرني أن أجعلك أول داخل ، وآخر خارج ، قال : لا أرب لي في ذلك ، قال : فحدث بلال بن سعد عما رآه بأرض الروم على بغلته تلك ، يركبها عقبة ، ويحمل عليها المهاجرين عقبة ، قال : وحدثنا بلال بن سعد أن عامرا كان إذا فصل غازيا وقف يتوسم الرفاق ، فإن رأى رفقة توافقه قال : يا هؤلاء! إني أريد أن أصحبكم على أن تعطوني من أنفسكم ثلاث خلال ، فيقولون : وما هي ؟ قال : أكون لكم خادما لا ينازعني أحد منكم الخدمة ، وأكون مؤذنا لا ينازعني أحد منكم الأذان ، وأنفق عليكم بقدر طاقتي ؟ فإذا قالوا له : نعم ، انضم إليهم ، وإن نازعه أحد منهم شيئا من ذلك ، ارتحل منهم إلى غيرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية